قال: ومن ذلك قوله في هذا الباب، قال: جواب (أو) إذا قلت: مررت بزيد أو عمرو، أن تقول: ما مررت بواحد منهما.
قال محمد: وإنما هذا جوابها على المعنى، وجوابها على اللفظ ما مررت بزيد أو عمرو، وهذا قول أبي عثمان المازني.
قال أحمد: هذا قول عجيب من مثلهما، بعيد عن الصواب، وذلك أن القائل إذا قال: مررت بزيد أو عمرو، فإنما أثبت المرور لأحدهما، ولا يدري من هو منهما، فكأنه قال: قد مررت بأحدهما ولا أدري من هو منهما، فإن نفي ناف على ما قاله أبو عثمان هذا الكلام فقال: ما مررت بزيد أو عمرو، كان النافي بهذا اللفظ شاكا فيمن انتفى عنه المرور منهما، كما كان الموجب شاكا فيمن وجب له المرور منهما، فكأنك قلت: لا أدري أيهما لم يمرر به، كما كان الموجب كأنه قال: لا أدري بأيهما مررت، فهذا لم يدر بأيهما مر، وهذا لم يدر بأيهما لم يمرر، فهو في المعنى موافق له، لأنه إذا لم يعلم من الذي مر به فليس يعلم من الذي لم يمرر به، وإذا لم يعلم النافي من الذي لم يمرر به يعلم الذي مر به لأن العلم قد استوي فيهما عند الشاك موجبا كان أو نافيا، فليس هذا بنفي لهذا، بل هو متابع له في المعنى، ونفيه في الحقيقة ما قاله سيبويه، لأن الموجب قد ادعى المرور بواحد منهما، وصار شائعا فيهما بالشك، واستوي العلم في زيد وعمرو، فوجب أن يكون المعنى دفعا لذلك كله، فتقول: ما مررت بواحد منهما، فإن قال (فالموجب إنما ادعى أن المرور لأحدهما، فكيف يجوز أن ينفيه عنهما؟ قيل له: المرور وإن كان لأحدهما في الحقيقة التي ليست معلومة، فهو لهما جميعا في الظن، لأنهما قد استويا فيه، وظن بكل واحد منهما أنه