أنك لو سميت امرأة بـ (قاسم) و (جعفر) لقلت جاءتني قاسم، وجاءتني جعفر، وكذلك جميع الحيوان لتأنيث المعنى، وقال جرير:
لقد ولد الأخيطل أم سوء ... ..........
لأن الأم في الأصل صفة، ولأنه قد فصل بينهما وبين الفعل.
قال أحمد:[بن محمد] هذا كلام ظاهر الفساد بين الاختلال، وذلك أنه حكى عن سيبويه أنه روى عن بعض العرب، قال فلانة، ثم خطأه في ذلك، وهذا موضع التكذيب فيه أشبه من التخطئة، لأنه ليس بقياس قاسه فيرد عليه ويخطأ فيه، وإنما ذكر أن بعض العرب قال ذلك، فإن كانت التخطئة لمن قال ذلك من العرب فهذا رجل يجعل كلامه في النحو أصلا وكلام العرب فرعا، فاستجاز أن يخطئها إذا تكلمت بفرع يخالف أصله، وذكر عن سيبويه أن قال فلانة قليل، ثم قال: وهذا لا يجوز، لأنه لم يوجد في قرآن ولا شعر ولا /٦٢/ كلام فصيح، فلو وجد مثله في قرآن أو كلام فصيح لما نسبه إلى الضعف "والقلة"، فأما الشعر فهو قد أنشد بيت جرير، وقد مثل سيبويه حذف التاء من فعل المؤنث في مذهب من أجاز ذلك بأحسن تمثيل، وهذا الذي للنحوي أن يفعله، وهو أن يمثل ويعتل لما جاء عن العرب، فأما أن يرده فليس ذلك له، وزعم أن حذفهم التاء من فعل المؤنث كحذفهم علامة التثنية من فعل الاثنين، وكذلك الجميع إذا قلت: قام أخواك، وقام إخوتك، فلما كان ذكر اسم الاثنين يغني عن إلحاق الفعل علامة التثنية، كذلك كان ذكره اسم المؤنث يغني عن إلحاق علامة التأنيث في الفعل.