بأخيه، فهذا نص قوله، وهو دليل على أنه لم يذهب عليه الوجه الآخر، لأنك قد ترفع الأخ بالابتداء، وتجعل مجنونا خبرا، والهاء /٦٣/ عائدة على زيد، وكذلك البيت يحتمل هذا الوجه إذا أراد به الشاهد لهذا المعنى جعله على هذا التأويل، وليس هذا بشاهد قاطع ولا مقصور على معنى واحد.
والتأويل الذي ذهب إليه سيبويه يؤول في المعنى إلى ما تأوله محمد، إلا أن قول محمد أبين وأوضح، لأنه يجيز ولم يضطره الاستشهاد إلى شر الوجهين، وإنما قولنا: إنه يؤول في المعنى إلى التأويل الآخر، لأنه إذا وضع الوحي عنده، وما صنعتم منه، يعني من الوحي، فقد وضع ما صنعوا عنده، وإذا رد عليه مثل هذا وهو يحتمل (التأويل وينساغ) في التفسير وجب أن يرد عليه البيتان اللذان استشهد بهما في باب (ما) وهما قول الأعور "الشني".
هون عليك فإن الأمور ... بكف الإله مقاديرها
فليس يآتيك منهيها ... ولا قاصر عنك مأمورها
لأنه استشهد بهذين البيتين لمسألة لا تجوز البتة، وهي قولك: ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة أمها، فجعل الضمير عائدا على زينب، ولم يجعله عائدا على الأب الذي هو اسم (ما)، فلذلك لم يجز تصب الخبر المقدم. لأن (ما) تقدم خبرها ارتفع، وليس بجائز تقديم خبرها ونصبه، وسيبويه علمنا ذلك في هذا الباب بعينه، فلم يجهل هذا وإنما أتى به تمثيلا، كأنه أرانا المعنى الذي لا يجوز فيما جاء جائزا في ليس.