للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولذلك لم يذكره ابنُ إسحاق في روايته عن الزهري (١)؛ لكن الظاهر صحتها.

فنقول حينئذٍ: ليس في الحديث أن هذه القِصَّة كانت بعد بدرٍ؛ فلعلَّها كانت قبل بدرٍ، وسُمَّي الرجلُ بدريًا؛ لأن ابن الزبير حدَّثَ بالقِصَّة بعد أن صار الرجلُ بدريًّا. ولو كانت بعد بدرٍ فقد تاب قائلها واستغفر، فإن التوبةَ تجبُّ ما قبلها (٢).

فصلٌ (٣)

إذا ثبت أنَّ كلَّ سبًّ تصريحًا أو تعريضًا موجبٌ للقتل، فالذي يجب أن يُعْتَنَى به: الفرق بين السبِّ الذي لا تُقبل منه التوبة والكفر الذي تُقبل منه التوبة، فنقول:

هذا الحكم قد نِيْطَ في الكتاب والسنة باسم أذى الله ورسوله، وفي بعض الأحاديث ذكر الشتم والسبّ، وكذلك ما في ألفاظ الصحابة والفقهاء من ذكر السبّ والشتم، والاسمُ إذا لم يكن له حدٌّ في اللغة، كاسم الأرض والسماء، ولا في الشرع كالصلاة والزكاة والكفر والإيمان، فإنه يُرْجَع في حدِّه إلى العُرْف، كالقَبْض والحِرْز، فيجب أن يُرْجَع في حدِّ الأذى والسبّ والشتم إلى العُرْف، فما عدَّه أهل العُرْف


= المعاد": (٣/ ٥٧٧)، فمال الحافظ الى شهودهما، ومال ابن القيم إلى عدمه، ولكلٍّ حجَّة ودليل.
(١) في "السيرة النبوية": (٢/ ٥٣٤).
(٢) وانظر "فتح الباري": (٥/ ٤٤).
(٣) كلمة "فصل" ليست في "الصارم": (٣/ ٩٩٢).

<<  <   >  >>