للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام: والحكاية المذكورة عن الفقهاء أنه إن كان مُستحلًّا كفر وإلا فلا، ليس لها أصل، وإنما نقلها القاضي (١) من كتاب بعض المتكلِّمين الذين حكوها عن الفقهاء، وهي كَذِب ظنُّوها جاريةً على أصولهم، فلا يظن ظانٌّ أن في المسألة خِلافًا، إنما ذلك غَلَط (٢).

فصلٌ (٣)

ثم نعود إلى مقصود المسألة فنقول:

قد ثبت أن كلَّ سبٍّ وشَتْمٍ يُبيح الدمَ فهو كفر، وإن لم يكن كل كفرٍ سبًّا، ونحن نذكر عبارات العلماء.

قال الإمام أحمد (٤): "من شتم الرسول أو تنقَّصه مسلمًا كان أو كافرًا فعليه القتل، ولا يُستتاب".

وقال: من ذكر شيئًا يُعرِّض بذكر الربِّ فعليه القتل (٥).

وقال أصحابُنا: التعرُّض لسبِّ الله وسبِّ رسوله رِدَّةٌ كالتصريح (٦)،


(١) يعني: أبا يعلى.
(٢) ثم ذكر شيخ الإسلام في هذا الموضع: (٣/ ٩٦٠ - ٩٧٦) شُبَه المرجئة والكرَّامية والجهمية القائلين: إن مجرد السب والاستهزاء ... ليس بكفر، بل لا بُدَّ معه من الاستحلال. وأجاب عن هذه الشبه بما لا مزيد عليه. وقد لخَّصْنا كلامَه في مقدمة التحقيق (ص/ ٨ - ١٤) فأغنى عن إعادته هنا.
(٣) "الصارم": (٣/ ٩٧٧).
(٤) انظر ما تقدم ص/ ٩٠.
(٥) في رواية حنبل، كما في "الجامع": (٢/ ٣٣٩ - أهل الملل) للخلال.
(٦) انظر "الإنصاف": (١٠/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>