للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ (١)

فإن سبَّ موصوفًا بوصفٍ أو مسمًّى باسم، وذلك يقع على الله أو بعض رُسُلِه، لكن ظهر أنه لم يقصد ذلك ولم يُرِدْه، فهذا القول وشِبْهه حرام في الجملة، يُستتاب صاحبُه منه إن لم يعلم تحريمه، ويُعزَّر مع العلم تعزيرًا بليغًا، لكن لا يكفر ولا يُقتل.

مثاله: من سبَّ الدهر أو الزمان الذي فرَّق بينه وبين الأحبة، ويعتقد أن فاعل ذلك هو الدهر، وفاعله حقيقةً إنما هو الله - تعالى - فيقع السبُّ عليه من حيث لم يعتمده، وإلى هذا أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإنَّ اللهَ هو الدَّهْر" (٢).

وكذلك: من سبَّ رجلًا وقال: يا ابن كذا وكذا إلى آدم، فقد أتى عظيمًا، مع أنه يدخل فيه نوحٌ وإدريس وشِيْث وغيرهم من النبيين، ومثل هذا العموم في هذه الحال لا يُقْصَد به الأنبياء.

وكذلك قال ابنُ أبي زيد فيمن قال: "لعن اللهُ العربَ وبني إسرائيل وبني آدم" لم يُرِد الأنبياء وإنما أراد الظالمين منهم= عليه الأدب بقدر اجتهاد السلطان (٣)، وذهب قومٌ إلى قتله، وهذه مسألة الكرماني (٤)،


(١) "الصارم": (٣/ ١٠٤٢).
(٢) رواه مسلم رقم (٢٢٤٦) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) انظر "الشفا": (٢/ ٤٣٧).
(٤) هي المتقدمة قريبًا في قول القائل: "يا ابنَ كذا وكذا إلى آدم ... ". وانظر "الشفا": (٢/ ٤٣٨).

<<  <   >  >>