قال أحمد في الرجل يشتم عثمان: هذا زنديق، وقال في رواية حنبل: من شتم رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أُرَاه على الإسلام (١).
قال القاضي: فقد أطلق أحمدُ القولَ أنه يكفر بسبِّه لأحدٍ من الصحابة، وتوقف في رواية عبد الله وأبي طالب عن قتله، وكمالُ الحدِّ وإيجابُ التعزيرِ يقتضى أنه لم يحكم بكفره.
قال: فيحتمل حمل قوله - يعني قول أحمد -: "ما أُرَاه على الإسلام" على من استحلَّ سبَّهم، فإنه يكفر بلا خلافٍ، ويُحمل إسقاط القتل على غير المستحلِّ. ويُحتمل أن يُحْمَل على أن من سبَّ طعنًا في عدالتهم فيقتل، ومن سبَّ لا لطعنٍ فلا يُقتل، نحو قوله: كان فيهم قلَّة علم وقلَّة معرفةٍ بالسياسة والشجاعة، وفيهم شُحٌّ ومحبَّة الدنيا ونحوه.
قال: ويحتمل أن يُحْمَل كلامه على ظاهره فيكون في سابِّهم روايتان:
أحدهما: يكفر، والثانية: يفسق.
قال شيخ الإسلام: وعلى هذا استقرَّ قول القاضي، وغيره حَكَوا في تكفيرهم روايتين:
قال القاضي: ومن قذف عائشة بما برَّأها الله منه كَفَر بلا خلافٍ.
قال شيخ الإسلام: ونحن نرتِّب الكلامَ في فصلين:
أحدهما: في حكم سبهم مطلقًا.
والثاني: في تفصيل أحكام السابِّ.
أما الأول: فسبّ أصحابه - صلى الله عليه وسلم - حرامٌ بالكتاب والسنة.