للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيه من الشرك أعظم من سبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -". قال إسحاق: يقتلون، لأنه نقض للعهد، وكذلك فعلَ عمر بن عبد العزيز فلا شُبْهة في ذلك، وقد قتل ابنُ عمر الراهبَ الذي سبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "ما على هذا صالحناهم" (١)، وكذلك نصَّ الإمام أحمد على وجوب قتله وانتقاض عهده، وتقدم بعض نصوصه (٢)، وكذلك نصَّ عامة أصحابه، ذكروه بخصوصه في مواضع، وذكروه - أيضًا - في جملة ناقضي العهد.

ثم المتقدِّمون وطوائف من المتأخرين (٣) قالوا: يتعيَّن قتله وقتل غيره من ناقضي العهد، كما دلَّ عليه كلام أحمد.

وذكر طوائفُ منهم أن الإمام يُخيَّر فيمن نقضَ العهدَ من أهل الذَّمة، كما يُخَيَّر في الأسير (٤)، فدخلَ هذا السابُّ في عموم الكلام؛ لكن المحققون منهم كالقاضي (٥) وغيره قيَّد ذلك بغير السابِّ، وأما السابُّ فيتعيَّن قتله. فإما أن لا يُحْكَى في تعيُّن قتلِه خلافٌ؛ لكون الذين أطلقوا في موضعٍ قيدوه في موضع آخر: بأن السابَّ يتعيَّن قتلُه، فهو غير داخلٍ في العموم، أو يُحْكَى فيه وجهٌ ضعيف؛ لأن الذين قالوا به في موضعٍ نصوا على خلافه في موضعٍ آخر.

واختلف أصحاب الشافعي - أيضًا - فمنهم من قال: يتعين قتلُه، ومنهم من ذكر الخلاف، وقال: هو كغيره (٦)، والصحيحُ جواز قتله،


(١) ص (٣٢ - ٣٣).
(٢) انظر ص/ ٣٢ - ٣٤.
(٣) أي: من الحنابلة.
(٤) بين الاسترقاق والقتل والمنّ والفداء.
(٥) أبو يعلى الفرَّاء.
(٦) أي: من الناقضين للعهد.

<<  <   >  >>