للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في ذلك بين أن يقصد عيبه أو لا يقصده أو يَهْزِل أو يمزح، فهذا كله سواء، فإن الرجل يتكلَّم بالكلمة ما يُلْقي لها بالًا يهوي بها في النار أبعدَ ما بين المشرقَيْن (١).

ومن قال ما هو سبٌّ وتنقُّصٌ له فقد آذى الله ورسولَه، وهو مأخوذٌ بما يؤذي به الناس من القول الذي هو في نفسه أذًى وإن لم يقصِد أذاهم، ألم تسمع إلى قوله: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ... } الآية [التوبة: ٦٥].

فمن شاجَرَ غيره وبحث معه في حكم وحَرَجَ (٢) لذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى أفحشَ في منْطِقِه؛ فهو كافرٌ بنصِّ التنزيل؛ لقوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... } الآية [النساء: ٦٥]. ولا يُعْذر هذا بأن مقصوده ردُّ الخصم.

ومن هذا الباب: قول القائل: "هذه قِسْمَةٌ ما أُرِيْدَ بها وَجْهُ اللهِ" (٣)، وقول الآخر: "اعْدِل فإنَّك لم تَعْدِل" (٤)، وقول ذلك الأنصاري: "أنْ كان ابنَ عَمَّتِكَ" (٥)؛ فإن هذا كفرٌ صريح، وإنما عَفَى عنه كما عَفَى عمَّن قال: "إنَّ هذه لقسمةٌ ما أريدَ بها وجهُ الله"، وعن الذي قال:


(١) كما جاء في البخاري رقم (٦٤٧٧) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبد ليتكلّم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق".
(٢) أي: ضويق حتى لجأ لذكره واضطر لذلك.
(٣) تقدم ص/ ٧٤.
(٤) هو ذو الخويصرة، وقصته أخرجها البخاري رقم (٦١٥٠)، ومسلم رقم (١٠٦٢) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وجاء من رواية غيره أيضًا.
(٥) يعني: الزبيرَ بنَ العوام في قِصَّة شِرَاجِ الحرة، أخرجها البخاري رقم (٢٣٦٢).

<<  <   >  >>