عكف على البحث والتنقيب مفنيًا في التحصيل والتنسيق والجمع والوضع، سنوات طويلة من حياته الدراسية، معتمدًا على المطولات اللغوية القديمة: كلسان العرب، والتاج، ومحكم ابن سيده، وصحاح الجوهري، وجمهرة ابن دريد، ونهاية ابن الأثير، وتهذيب الأزهري، وأساس اللغة للزمخشري، والمصباح المنير للفيومي.
ومضت سنوات طويلة أخرى اقتنص خلالها ما وضعه اللغويون المحدثون، أو صحح بعض ما وضعوه من كلمات مستحدثة للمعاني الجديدة، مضيفًا إليها ما وضعوه هو شخصيًا من الألفاظ، نشرت في أعداد متتابعة مجلة المجمع، ذاكرًا الكلمات العامية التي لها أساس صحيح ثم حرفتها العامة، وما جرى على أسلات أقلام الكتاب والأدباء وعم وشاع. وقد أفرد الكلمات العامية المحرفة في كتاب خصا سماه "رد العامي إلى الفصيح" وطبع في مطبعة العرفان بصيدا.
وفي سنة ١٩٤٧ تمت ملحمته الخالدة. فكان نتاج عمله تتويجًا لجهده المستمر وإخلاصه الذكي. ثم أعاد الكرة يصحح يضبط مرة ومرات كثيرة حتى أصبح المعجم معدًا للطبع والإخراج.
ثم ألحق بمعجمه المطول قاموسين آخرين: الوسيط من متن اللغة، والموجز، تسهيلًا على الطلاب والمبتدئين، في الرجوع إلى مصدر مناسب لهم. وأفرد للكلمات المستحدثة للمعاني الجديدة كتابًا خاصًا سماه "التذكرة في الأسماء المنتخبة للمعاني المستحدثة.".
وكاد المجمع العلمي العربي يباشر طبع المعجم المطول الذي قدمه المؤلف، رحمه الله، إليه تحت عنوان: متن اللغة، بعد أن أرصد له في ميزانيته مبلغ "٤٢٥٠٠" ليرة سورية سنة ١٩٤٨ وحوله إلى لجنة مؤلفة من الأساتذة: محمد كرد علي رئيسًا، وخليل مردم بك، والأمير سعيد الجزائري، والشيخ عبد القادر المغربي، والدكتور جميل صليبا أعضاء، لولا أن مرضا ألم بالمؤلف فقعد به عن متابعة الاهتمام بالطبع والإخراج، بعد أن فجعه الدهر في الثامن من آذار ١٩٤٨ بولده البكر الدكتور محمد علي رضا، وهو بعد في ميعان الصبا وبوادر الشباب. وبعد إبلاله من مرضه حالت الأحداث السياسية في سوريا العزيزة، وما رافقها من انقلابات عسكرية، دون تحقيق هذه الأمنية؛ فاختفى المجمع واختفت معه مشاريعه، ولم تبق منه غير الذكريات.
وفي السابع من تموز سنة ألف وتسعمائة وثلاث وخمسين لبى داعي ربه، بعد أن ملأ حياته بصالح الأعمال، وزود أمته بتراث لغوي خصب وجهود تطويرية قيمة.
ومرت سنوات قليلة أخرى حالت فيها الظروف المادية دون مباشرة الإخراج والطبع، حتى قيض الله لهذه المهمة أحد المواطنين في الكويت الشقيقة، رجلًا لم يخل حق من حقول الخير في لبنان بخاصة من فيض يده وسماحة نفسه، نمسك هنا عن ذكر اسمه عملًا بمشيئته، والتلميح إليه