وفي المزهر: قال الزبيدي: حدثني قاضي القضاة منذر بن سعيد قال: أنبت أبا جعفر النحاس فألفيته يملي في أخبار الشعراء شعر قيس بن معاذ المجنون حيث يقول:
خليلي هل بالشام عين حزينة ... تبكي على نجد؟ لعلي أعينها
قد أسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوقة باتت وبات قرينها
فلما بلغ هذا الموضع قلت: باتا يفعلان ماذا، أعزل الله؟ فقال لي: كيف تقول أنت يا أندلسي؟ فقلت: بانت وبان قرينها.
وقال ابن جني في الخصائص، باب سقطات العلماء: حكي عن الأصمعي أنه صحف قول الحطيئة:
وغررتني وزعمت أنك ... لابن بالصيف تامر
فأنشده: لا تني بالضيف تأمر، أي تأمر بإنزاله وإكرامه.
ويحكي عن خلف قال: أخذت على المفضل الضبي في مجلس واحد ثلاث سقطات؛ أنشد لامرئ القيس:
نمس بأعراف الجياد أكفنا ... إذا نحن قمنا عن سواء مصهب
فقلت: عافاك الله! إنما هو نمش أي نمسح، ومنه المنديل الغمر مشوشًا؛ وأنشد للمخبل السعدي:
وإذا ألم خيالها طرقت ... غيني بماء جفنها سجم
فقلت: عافاك اله! إنما هو طرفت؛ وأنشد للأعشى:
ساعة أكبر النهار كما شد ... محيل لبونه إعظامًا
فقلت: عافاك الله! إنه مخبل، بالخاء المعجمة، رأى خال السحابة فأشفق منها على بهمه.
وفي المزهر عن كتاب "ليس" لابن خالويه: جمع أبا عمرو الجرمي والأصمعي مجلس فقال الجرمي: ما في الدنيا بيت للعرب إلا وأعرف قائله! فقال: ما نشك في فضلك، أيدك الله، ولكن كيف تنشد هذا البيت:
قد كن يخبأن الوجوه تسترًا ... فالآن حين بدأن للنظار
فقال "بدأن"؛ قال: بدين؛ قال: أخطأت إنما هو "بدون" من بدا يبدو إذا ظهر؛ فأفحمه.
وفيه: اختلف المعمري والنحويان في "الظرورى" فقال أحدهما: الكيس، وقال الآخر: