الحديث النبوي الشريف؛ وكذلك الشكاية فإنها من شكوت ولم يقولوا الشكاوة.
ووجدت أن الواو والياء بهذا الاعتبار قد أصبحا بكثرة تعاقبهما، وحلول أحدهما محل الآخر في كثرة لم تكن في حرفين من حروف الهجاء غيرهما، قد أصبحا كالحرف الواحد مثل: كينونة من الكون، ودام ديمومة من الدوام، وساد سيدودة من السيادة، وصاغ يصوغ صوغًا وصياغة وصيغوغة وهو صواغ وصياغ. ومثل: صيم وصيام وصيامي من الصوم. ووجدت أنهم أوجبوا اعلال الأجوف المفتوح الفاء بإبداله ألفًا لينة سواء كان واويًا أو يائيًا؛ فإذا لم يعلموا أصله حمله بعضهم على باب "نصر" وبعضهم على باب "ضرب" وبعضهم أجاز الأمرين. وإن هذا الماضي المعتل يأتي على ضروب منها:
١ - ما لا خلاف في أصله، كقام فيما ًاله الواو، وباع فيما ًاله الياء.
٢ - ما صح عندهم مجيئه واويًا أو يائيًا بمعنى واحد، كحاز الإبل يحوزها ويحيزها حوزًا وحيزًا، بمعنى ساقها سوقًا شديدًا؛ وهذا الضرب أكثر من أن يحصى في كلامهم.
٣ - ما اختلفوا في ًاله، كالأريحية، جعلها صاحب اللسان من بنات الياء، وعدها الفارسي من بنات الواو.
٤ - ما استعمل في معنيين متفرعين من أصل واحد، فانفرد أحدهما بالاستعمال وجعل من بنات الياء، واستقر المعنى الآخر في بنات الواو، كالشوب بمعنى الخلط، والشيب لبياض الشعر في سواده، فقيل في الأول شاب يشوب شوبًا، وفي الثاني شاب يشيب شيبًا.
٥ - ما لم يظهر لهم أصله فحملوه على أحد الوجهين أو أجازوه فيهما معًا.
وقد حاول بعضهم تخليص الواو من الياء في ترتيب المواد في معاجمهم، فلم يوفقوا كل التوفيق في ذلك. وقد جريت في كتابي هذا على جعل ما كان من الضرب الثاني والثالث والخامس في مادة واحدة، وفصلت فصل الواو عن فصل الياء فيما كان من الضرب الرابع. وأما الضرب الأول فهو متميز بلفظه ومعناه، وباب القول مثلًا غير باب البيع طبعًا. ومن اله أستمد العون والتوفيق.