فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (١) . فقد أمرهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في هذا الحديث بالإمساك عما لم يؤمروا به، معللا بأن سبب هلاك الأولين إنما كان كثرة السؤال، ثم الاختلاف على الرسل بالمعصية أي بمخالفتهم لما أمرتهم به أنبياؤهم.
هل الاختلاف رحمة: يدعي بعض الناس أن الاختلاف رحمة اعتمادًا على حديث موضوع: (اختلاف أمتي رحمة) . وهذا القول مردود بالكتاب والسنة والعقل. وقد ذكرنا بعض الآيات والأحاديث الواردة في ذم الاختلاف والتفرق. وفي ذلك كفاية لمن تدبر وتأمل.
بل قد دل القرآن على أن الاختلاف لا يتفق مع الرحمة بل هو ضدها. قال تعالى:{وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}[هود: ١١٨ - ١١٩](هود: ١١٨، ١١٩) .
والحديث الذي استدل به أصحاب هذه الدعوى باطل ولا يصح بحال، ولا يوجد في شيء من كتب السنة. وهذا كافِ في بطلان هذه الدعوى، يضاف إلى ذلك مخالفته للمعقول، فإنه لا يتصورَ عاقل أن الاختلاف رحمة، بعدما عرفنا المفاسد الخطيرة الناتجة عنه من التشاحن والتباغض والتهاجر بل وربما القتال والحروب التي كثيرًا ما ثارت بين الناس بسبب الاختلاف، حتى في بعض مسائل الفروع.
طريق الخلاص من الفرقة والاختلاف: ومن المعلوم أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هي الجماعة. والجماعة
(١) صحيح البخاري برقم (٧٢٨٨) ، وصحيح مسلم برقم (١٣٣٧) .