للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعظمين، وتجاوز الحد في إطرائهم ومدحهم والثناء عليهم، قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا - وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} [نوح: ٢٣ - ٢٤] (نوح: ٢٣- ٢٤) .

فهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما ماتوا جعلوا لهم أصناما على صورهم وسموها بأسمائهم قاصدين بذلك تعظيمهم وتخليد ذكرهم وتذكر فضلهم إلى أن آل بهم الأمر إلى عبادتهم.

ويشهد لهذا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ (ونسخ العلم) (١) العلم عبدت " (٢) .

روى ابن جرير الطبري عن محمد بن قيس عند قوله تعالى: وقالوا لا تذرن آلهتك الآية، قال: " كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون هم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا


(١) أي علم تلك الصور بخصوصها.
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٩٢٠) .

<<  <   >  >>