للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم

ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تجلى باسم منتقم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم (١)

فهذا الشاعر خلع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أوصاف الربوبية والألوهية ما لا يليق وصف أحد به إلا الله وحده، فجعل الرسول وحده ملاذه ومعاذه عند حلول الخطوب ونزول الشدائد ثم نسب إلى الرسول الشفاعة مطلقا كما يعتقده المشركون في الشفاعة الشركية التي تكون بدون إذن ولا رضى من المشفوع عنده وإنما تكون بجاه الشافع ومكانته فقط.

ثم نراه يجعل الدنيا والآخرة من جوده، وأن علم اللوح والقلم من بعض علومه وهذا مع ما فيه من الشرك كفر بالله عز وجل. لأن كل ما ذكره من أوصاف الربوبية والألوهية لا يجوز بأي حال من الأحوال وصف أي مخلوق بها وإنما أي من صفات الخالق وحده.

قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: ٦٢] (٢) وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: ١٠٩] (٣) . وقال تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} [هود: ١٢٣] ) (٤) الآية. وقال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠] (٥) .

ويقول البكري (٦) في قصيدة له:


(١) ديوان البوصيري. تحقيق محمد سيد كيلاني طبع مصطفى الحلبي مصر ١٣٧٤هـ، ص٢٠٠.
(٢) سورة النمل، آية (٦٢) .
(٣) سورة طه، آية (١٠٩) .
(٤) سورة هود، آية (١٢٣) .
(٥) سورة طه، آية (١١٠) .
(٦) هو محمد بن أبي الحسن البكري الصديقي الشافعي (٩٣٠ - ٩٩٤ هـ) ، محدث، إخباري، من تصانيفه. الجوهر الثمين من كلام سيد المرسلين، تأبيد المنة بتأييد أهل السنة وغيرها. انظر: معجم المؤلفين، ٩ / ١٨٥ والأعلام، ٧ / ٦٠.

<<  <   >  >>