للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدود ما شرعه الله، وهذا يوجب له الذل والغضب من الله تعالى، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] (١) .

وكل من ابتدع في دين الله فهو ذليل بحسب بدعته، وإن أظهر للناس خلاف ذلك. ويتأكد هذا حينما تكون السنة معلنة، وأهلها مستمسكين بها، داعين إليها، ذائدين عن حياضها. صابرين على الأذى في سبيلها.

ومن تأمل أحوال المبتدعة في الزمان الأول تحقق له ما كانوا عليه من ذلة وصغار حتى لجئوا إلى السلطان، ولاذوا بأهل الدنيا، ومن لم يستطع ذلك هرب واستخفى. أما في زماننا هذا فقد استأسد أهل البدع بسبب قلة العلم، وتشجيع الاستعمار لهم في حالة ضعف البلاد الإسلامية. وعدم مبالاة حكام المسلمين بإقامة شرع الله والذود عنه والدعوة إليه والالتزام به قولا وعملا إلا من رحم الله. لأجل هذا استعلن المبتدعة ببدعهم ولبّسوا على الناس دينهم وادعوا أنهم على الحق والحقيقة حتى إذا رفعت راية السنة وسرت في المسلمين روح الصحوة الإسلامية عادوا إلى التخفي والاستتار. فبحسب ظهور الحق يكون خفاؤهم، والعكس صحيح.

[تبرؤ الرسول صلى الله عليه وسلم من المبتدعة]

٥ - تبرؤ الرسول صلى الله عليه وسلم من المبتدعة: ومن آثار الابتداع وشؤمه على المبتدع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبرأ من الراغب عن سنته الحائد عن هديه، فقال: «ومن رغب عن سنتي فليس مني» (٢) .

والمبتدع قد رغب عن السنة ومال عنها إلى ما زينه له هواه وشيطانه من البدع. فهو داخل تحت هذا الوعيد. وقد تبرأ ابن عمر من القدرية حيث قال


(١) سورة النساء، آية (١١٥) .
(٢) سبق تخريجه، ص١٢٢.

<<  <   >  >>