وقد ذكر العلماء أن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام لا يثبت بها حكم شرعي أو يُنْفَى، لأن الشريعة ثابتة بالأدلة الشرعية المعروفة الظاهرة، وليست الرؤيا دليلا من هذه الأدلة. ثم قالوا إن من رأى رؤيا فليعرض رؤياه على الشرع، فإن وافقت مقتضى الشرع فالحكم به، وتكون الرؤيا من قبيل الاستئناس.
وإن كانت مخالفة لأمر شرعي فمحال وباطلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينسخ بعد موته شريعته المستقرة في حياته، لأن الدين لا يتوقف استقراره بعد موته على حصول المرائي المنامية، فمن رأى شيئا من ذلك فرؤياه غير صحيحة، إذ لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حقا لم يخبره بما يخالف الشرع، فمن أخبر بما يخالف الشرع واستند إلى رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وإجازته له فهو أحد رجلين:
إما كذوب دجال كابن عربي وأمثاله، وإما صادق ولكن لبّس الشيطان عليه لقلة علمه فأوهمه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره (١) .
[ثانيا التوسل غير المشروع بالنبي صلى الله عليه وسلم]
[التوسل المشروع]
ثانيا: - التوسل غير المشروع بالنبي صلى الله عليه وسلم: ومن البدع التي أحدثها الصوفية التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بذاته وبجاهه أو الإقسام على الله به. ويدخلون في هذا التوسل الاستغاثة به وطلب الحاجات منه. وهذه البدعة أخذت شكلًا علميًّا لدى الصوفية لكثرة ما كتب فيها من مؤلفات ورسائل. لكن جوهر الحقيقة هو أنهم يريدون أن يظهروا أمام الناس بمظهر المتمسك بأدلة الشرع، لذا نراهم يحرصون على جلب الأدلة وسوقها حتى يتسنى لهم إثبات مشروعية هذا النوع من التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن ثم يدخلون فيه كل ألوان الشرك كالاستغاثات والتضرع وطلب الحاجات وغير ذلك.
ثم إن لهم من وراء ذلك مقصدا آخر وهو أنهم يجوزون الشرك بالأولياء والصالحين تحت اسم التوسل بهم، طالما ثبت التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا مانع أن يتعدى ذلك إلى الأولياء من بعده. وإذا سألتهم عن الدافع إلى ذلك قالوا ما هو إلا محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأولياء الله الصالحين وتعظيمهم ومعرفة حقوقهم إلخ.