للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الأثر لا يجوز الاستدلال به لعدم صحته (١) ثم إنه مخالف لما ثبت شرعا من استحباب صلاة الاستسقاء ودعاء الله تعالى والتضرع إليه حتى يغيث العباد بإنزال الغيث عليهم. كما جرت بذلك السنة وعمل بها جماهير الأئمة ولم ينقل عن أحد من سلف الأمة أنه التجأ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء للسقيا أو لغير ذلك، ولو كان هذا مشروعا لفعلوه ولنقل عنهم بوجه صحيح يعتمد عليه. فلما لم يحدث ذلك دل على عدم مشروعيته وعلى بطلان هذا الأثر، وأيضا فهذا الأثر ليس فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته ولا بجاهه ولا بالإقسام به على الله والتي وقع فيها النزاع.

وإنما فيه طلب الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته، وهذه مسألة خارجة عن محل النزاع ولم يقل بجوازها أحد من علماء السلف بل هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، ولأجل هذا توسع الصوفية في معنى التوسل فأدخلوا فيه كثيرا من ألوان الشرك كالاستغاثة والاستجارة وبث الشكوى وطلب الدعاء والشفاعة والمغفرة وكافة الحاجات وإنزال الرغبات وسموا كل هذا توسلًا فإذا ثبت لهم التوسل المبتدع أدخلوا فيه التوسل الشركي، وسموا الجميع توسلًا بالنبي صلى الله عليه وسلم وإظهارا لحبه.

وبعد بيان بطلان الشبه التي استدل بها المجيزون للتوسل غير المشروع نريد أن نعرف حكم هذا النوع من التوسل.

[أقسام التوسل غير المشروع من حيث الحكم عليه]

إن هذا التوسل ينقسم من حيث الحكم عليه إلى قسمين:

القسم الأول: توسل بدعي:

وذلك كالتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، وبجاهه، أو الإقسام على الله به:


(١) لأن مداره على مالك الدار وهو مجهول الحال غير معروف العدالة والضبط وهما شرطان أساسيان لصحة السند.
انظر التوسل، ص١٣٠ - ١٣٤.

<<  <   >  >>