للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآيات والسور فقيل له ولا تعجل بالقرآن الذي عندك قبل جبريل فتلقيه على الأمة مجملا فلا يفهمه أحد منك لعدم تفصيله) (١) .

وهذه فرية واضحة البطلان يكذبها القرآن وحال الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي كان ينتظر نزول الوحي عليه ليعرف حكم الله فيما يجد من الحوادث والنوازل.

وإذا كان المسلمون يؤمنون بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل في زمان ومكان معينين وأن الرسل السابقين عليه أرسل كل واحد منهم إلى قوم معينين في زمان معين.

إلا أن غلاة الصوفية تعتقد بأن الرسول في كل العصور واحد هو محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن الرسل السابقين ليسوا إلا صورا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ويروون في هذا شعرا:

كل النبيين والرسل الكرام أتوا ... نيابة عنه في تبليغ دعواه

فهو الرسول إلى كل الخلائق في ... كل العصور ونابت عنه أفواه (٢) .

وإذا كان المسلمون يعتقدون بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مات كما يموت سائر البشر بعد أن بلغ رسالة كما قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] (٣) وإذا بمتأخري الصوفية يعتقدون بأن الرسول حي وأنه يرى يقظة لا مناما، وأن مشايخ الصوفية يتلقون عنه مباشرة ويجتمعون به. وهذا من أظهر البطلان الذي يكذب التاريخ والواقع ويستحيل أن تقبله الفطر والعقول (٤) .

فساد مفهوم محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بعد أن كانت محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعنى إيثاره على كل مخلوق سواه، وطاعته واتباعه. صار معناها عند غلاة الصوفية عبادته ودعاؤه والسؤال به


(١) الكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر للشعراني بهامش اليواقيت والجواهر، طبع مصطفى، الحلبي، ١٣٧٨٩هـ، ص٦.
وانظر: هذه هي الصوفية، ص٨٩ - ٩٢.
(٢) انظر النفحات الأقدسية، ص١٧.
(٣) سورة الزمر، آية (٣٠) .
(٤) سيأتي مزيد بيان في الرد على هذه الخرافة في مبحث البدع التي ظهرت بدعوى محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>