للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن عربي والجيلي وابن الفارض (١) وغيرهم من الغلاة الذين سار على نهجهم أكثر الصوفية حتى زماننا هذا.

وهذه المقالات التي ابتدعوها هي كفر وزندقة متسترة بدعوى حبهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه.

فهي في ميزان الشرع كفر صريح أو مؤدية للكفر ومن اعتقد فيها وقال بها عن علم فقد كفر.

وذلك كالقول بقدم النور المحمدي وأنه مادة العالم وأن الرسول كان بحقيقته موجودا قبل أن يخلق آدم وأنه إنسان عين الله، وأنه هو الحقيقة الإلهية السارية في الوجود بأسره وأن الحقيقة المحمدية هي العقل الكلي الذي يصل ما بين الوجود المطلق وهو الله وما بين عالم الطبيعة (الخلق) .

وأن الحقيقة المحمدية هي روح الله المنفوخ في آدم وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان خلقا في ظاهره خالقا في باطنه وأن الأنبياء كانوا صورا للحقيقة المحمدية وأن الحقيقة المحمدية ليست إلا الله متعينا في أول تعيناته وهي اسم الله الأعظم إلى غير ذلك من العقائد الباطلة.

فهذه الأمور من اعتقدها فلا شك في كفره وزندفته، كما حكم جمع من العلماء بكفر ابن عربي ومن تابعه على معتقده (٢) ومع كون هذه الأمور كفرا بواحا، إلا أن هؤلاء الزنادقة الضلال موهوه وخرفوه وأخرجوه في قالب محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحجبوا الناس عن تلقي حقائق الشرع، والعلم بالدين حتى لا ينكشف للناس زيغهم وضلالهم.

وشجعهم على ذلك انتشار الجهل بين غالبية المسلمين حتى عد هؤلاء


(١) عمر بن علي بن مرشد المعروف بابن الفارض حموي الأصل، مصري المولد والدار والوفاة. اشتغل بالفقه والحديث أول أمره ثم انتقل إلى التصوف فكان أكثر الصوفية شعرا، ومن أشهر شعره تائية السلوك التي جمع فيها فنون الالحاد والاتحاد والكفر برب العالمين. توفي (٦٣٢ هـ) . قال عنه الذهبي " ينعق بالاتحاد الصريح في شعره وهذه بلية عظيمة فتدبر نظمه ولا تستعجل ولكنك حسن الظن بالصوفية، وما ثم إلا زي الصوفية وإشارات مجملة وتحت الزي والعبارة فلسفة وآفاعي فقد نصحتك والله الموعد ". ميزان الاعتدال، ٣ / ٢١٤ - ٢١٥. وانظر لسان الميزان، ٣ / ٣١٧ -٣١٩. وشذرات الذهب، ٥ / ١٤٩- ١٥٣.
(٢) انظر: العقد الثمين، ٢ / ١٦٠ وما بعدها. وتنيه الغبي إلى كفر ابن عربي، ص ١٥٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>