للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا - القائلون بذم البدعة مطلقا: يرى هذا الفريق أن البدعة تطلق على كل ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشرع وأن البدعة مذمومة مطلقا. وقد ذهب إلى هذا جمع من الأئمة، والعلماء منهم الإمام مالك - رحمه الله - حيث قال: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] (١) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا) (٢) وقال الإمام أحمد - رحمه الله:

(أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة ضلالة) (٣) وممن سار على هذا النهج ابن وضاح (٤) في كتابه البدع والنهي عنها حيث عقد بابا بعنوان كل محدثة بدعة وساق الآثار التي تؤكد ذلك وتؤيده (٥) .

ويعرف ابن تيميه البدعة بقوله:

(إن البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب) (٦) .


(١) سورة المائدة، آية (٣) .
(٢) الاعتصام، ١ / ٤٩.
(٣) طبقات الحنابلة لأبي يعلى الفراء. نشر دار المعرفة بيروت، ١ / ٢٤١.
(٤) هو أبو عبد الله محمد بن وضاح بن بزيغ القرطبي، (١٩٩ - ٢٨٦هـ) ، عالم محدث. فقيه. رحل إلى المشرق فحصل علما كثيرا ثم رجع إلى الأندلس فنشره فانتفع به خلق كثير. من تصانيفه. مكنون السر ومستخرج العلم في الفقه، القطعان في الحديث. انظر: سير أعلام النبلاء، ١٣ / ٤٤٥ - ٤٤٦، ولسان الميزان، ٥ / ٤١٦.
(٥) انظر: البدع والنهي عنها لمحمد بن وضاح القرطبي، تحقيق محمد أحمد دهمان، ط ٢، دار البصائر، دمشق، ١٤٠٠هـ ص٢٣ وما بعدها.
(٦) مجموع الفتاوى، ٤ / ١٠٧ - ١٠٨.

<<  <   >  >>