للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آدم الأول كفل منها - من دمها - لأنه أول من سن القتل» (١) فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «سن» بمعنى اخترع. لأنه أول من اخترع القتل بين الناس ولم يكن موجودا. ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم - «من سن في الإسلام سنة حسنة» . أي اخترعها من نفسه وأحدثها. لكن بشرط أن تكون حسنة حتى يكون له الأجر.

إذا فليس المراد: من عمل سنة ثابتة، ولو كان المراد كذلك لقال من عمل بسنتي، أو بسنة من سنتي، أو من أحيا سنة من سنتي (٢) .

ومن الأدلة ما أخرجه الترمذي بسنده عن بلال بن الحارث: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال بن الحارث: (اعلم: قلت: ما أعلم يا رسول الله؟ قال: إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل أثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا) » (٣) .

قال الشاطبي:

فقوله «من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدى» ، واضح في العمل بما ثبت أنه سنة. . . بخلاف قوله: من سن كذا، فإنه ظاهر في الاختراع أولا من غير أن يكون ثابتا في السنة. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لبلال بن الحارث «ومن ابتدع بدعة ضلالة» فظاهر أن البدعة لا تذم بإطلاق. بل بشرط أن تكون ضلالة، وأن تكون لا يرضاها الله ورسوله، فاقتضى هذا كله أن البدعة إذا لم تكن كذلك لم يلحقها ذم، ولا تبع صاحبها وزر، فعادت إلى أنها سنة حسنة، ودخلت تحت الوعد بالأجر) (٤) .


(١) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام. باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة، ٩ / ١٢٧.
(٢) انظر: الاعتصام، ١ / ١٧٨ - ١٧٩.
(٣) سنن الترمذي، كتاب العلم. باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتاب البدعة ٤ / ١٥٠ - ١٥١، وسيأتي الكلام عليه.
(٤) الاعتصام، ١ / ١٧٩.

<<  <   >  >>