للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق) (١) .

ولكن هذه الخرافة لم يصرح بها إلا المتأخرون استغلالا منهم لظروف الجهل التي ضربت عقول المسلمين فصاروا أسرى الخرافات والأساطير.

وقد ذكر عمر بن سعيد (٢) الفوتي في كتاب الرماح:

(أن الأولياء يرون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقظة، وأنه يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه، وأنه يتصرف ويسير في أقطار الأرض وفي الملكوت، وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل منه شيء، وأنه مغيب عن الأبصار كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم، فإذا أراد الله أن يراه عبد رفع عنه الحجاب فيراه على هيئته التي كان هو عليها) (٣) .

وعلى هذه البدعة أسست طرق صوفية كثيرة سميت بالطرق المحمدية لأنها كما يزعمون أخذت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - مباشرة في اليقظة وذلك كالطريقة التيجانية (٤) والطريقة الأحمدية الإدريسية (٥) وغيرها من الطرق. كما بنوا عليها حضراتهم وموالدهم. إذ تزعم الصوفية أن الحضرة التي يقيمونها سميت بذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحضرها إما بروحه وإما يقظة بجسده وروحه.


(١) المنقذ من الضلال لأبي حامد الغزالي، مع أبحاث في التصوف للدكتور عبد الحليم محمود، ط ٨، طبع دار الكتب الحديثة، مصر، ١٣٩٤ هـ، ص ١٤٣.
(٢) عمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي الأزهري التيجاني، ولد ١٧٩٧ م، في بلاد (ديمار) الواقعة في السنغال. درس في الأزهر، وعاد إلى أفريقيا ليجاهد الوثنيين وينشر الإسلام، وتوفي ١٨٦٤ م. من تصانيفه: كتاب رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم، وكتاب سيوف السعادة وغيرها. انظر التيجانبة، على بن محمد الدخيل الله، ط ١، دار طيبة، الرياض، ص ٦٩ - ٧١.
(٣) مجلة البحوث الإسلامية، العدد ١٤، بحث التيجانية، ص ٦٩ - ٩٧ نقلا عن رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم لعمر بن سعيد الفوتي، ١ / ١٩٨ - ١٩٩.
(٤) التيجانية: نسبة إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن المختار التيجاني المغربي، (١١٥٠ - ١٢٣٠هـ) ، شيخ الطريقة التيجانية. كان فقيها مالكيا عالما بالأصول والفروع، ملما بالأدب، صوفيا. طريقته منتشرة في المغرب، والسودان، ومصر، وغيرها. انظر: الأعلام، ١ / ٢٤٥.
(٥) نسبة إلى أحمد بن إدريس، وقد مرت ترجمته.

<<  <   >  >>