للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حينف: «أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: " إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذلك فهو خير " فقال: ادعه. فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي، اللهم فشفعه في وشفعني فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ» (١) .

ووجه استدلالهم بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وأن الأعمى فعل ذلك فعاد بصيرا، وأن توسله إنما كان بذات النبي صلى الله عليه وسلم لا بدعائه، وإذا كان كذلك فمن الجائز لكل أحد أن يدعو بهذا الدعاء الوارد في هذا الحديث.

قال ابن حجر الهيتمي (٢) .

(وإنما علمه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يدع له، لأنه أراد أن يحصل منه التوجه وبذل الافتقار والانكسار والاضطرار مستغيثا به صلى الله عليه وسلم ليحصل له كمال مقصوده.

وهذا المعنى حاصل في حياته وبعد وفاته ومن ثم استعمل السلف هذا الدعاء في حاجاتهم بعد موته) (٣) .

واستدل بقصة الرجل مع عثمان بن حنيف رضي الله عنه وسيأتي ذكرها. وعلى ذلك فهم يرون أن الحديث حجة لهم في جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم. وأن هذا الحديث ليس خاصا بالأعمى، بل هو جائز لكل أحد أن يدعو به. لكن هذا الحديث لا يدل على ما ذهبوا إليه. بل هو دليل على نوع من


(١) المسند، ٤ / ١٣٨، وسنن ابن ماجه، ١ / ٤٨١، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ١ / ٥١٩.
(٢) شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي المكي (٩٠٩-٩٧٤هـ) .
فقيه. باحث. من تصانيفه: مبلغ الأرب في فضائل العرب. الصواعق المحرقة على أهل البدعة والضلال والزندقة وغيرها. انظر الأعلام ١ / ٢٣٤.
(٣) الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم، ص ٧٦- ٧٧.

<<  <   >  >>