للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الرد على من يزعمون أن توصل الأعمى كان بذاته صلى الله عليه وسلم أو بجاهه، إذ كيف تكون شفاعة الأعمى في الرسول. إلا إذا دعا له الرسول فدعا الأعمى ربه في أن يستجيب دعاء نبيه له.

سادسا: إن هذا الحديث قد ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب، وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره. ولذلك ذكره المصنفون في دلائل النبوة كالبيهقي وغيره (١) . وهذا يدل على أن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له (٢) .

سابعا: أن هذا الدعاء خاص بالأعمى لأنه متضمن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته له وليس من لم يدع له الرسول ويشفع له بمنزلة ذلك الضرير الذي دعا له الرسول وشفع له. ولو كان هذا عاما كما يفهمه المجيزون لكان لعميان الصحابة أو بعضهم أن يدعوا بهذا الدعاء فيحصل لهم الشفاء، فعدولهم عن هذا الدعاء إلى غيره دليل على أنه خاص بذلك الأعمى، كما أنه لو كان السبب في شفاء الأعمى هر توسله بذات النبي صلى الله عليه وسلم وجاهه كما يفهم عامة المتأخرين لكان من الممكن أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذي يتوسلون بجاهه صلى الله عليه وسلم ويضمون إلى ذلك جاه جميع الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين!!

وبعد بيان هذه الوجوه تأكد لنا أن هذا الحديث يدور حول التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم، وأنه لا علاقة له بالتوسل بذاته أو بجاهه، ومما تجدر الإشارة إليه أنه قد نقل عن العز بن عبد السلام القول بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته خاصة استنادا إلى حديث الأعمى (٣) .

وقد تبين لنا معنى الحديث وما يدل عليه وأنه لا حجة فيه لمن ذهب إلى


(١) انظر. دلائل النبوة للبيهقي، تحقيق د. عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ٦ / ١٦٦.
(٢) انظر: قاعدة جليلة، ص ٩٥.
(٣) انظر: القاعدة الجليلة، ص ١٥١.

<<  <   >  >>