للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزيارة بهذه الكيفية مستحبة لمن قدم إلى المدينة قاصدا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لمن كان يريد السفر من أهل المدينة وهذا الاستحباب مأخوذ من الأحاديث العامة الواردة في فضل زيارة القبور ولم يثبت بخصوص زيارة قبره صلى الله عليه وسلم حديث يحتج به عند أهل العلم (١) ولكن الناس ابتدعوا في باب زيارته صلى الله عليه وسلم بدعا كثيرة خرجت بالزيارة عن أصلها المشروع. فمن هذه البدع:

١ - اعتقاد أن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم واجبة: سرى في أذهان كثير من الناس أن زيارة القبر النبوي واجبة، ويعتقد كثير منهم أنها مكملة لمناسك الحج، لا يتم الحج بدونها، والذي دفعهم إلى ذلك أمور منها:

- الجهل بأحكام الذين ومراتب العبادات حتى اختلط على كثير من الناس الواجب بالمندوب، والحرام بالمكروه، فاختل فهمهم للشرع بسبب الابتعاد عن علمه وفقهه.

- الاستدلال بعدة أحاديث ضعيفة وموضوعة في فضل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها بعض الفقهاء والمؤلفين في المناسك واشتهر ذكرها بين الناس دون تمييز بين الصحيح والضعيف، فكان لهذه الأحاديث أثرها في اعتقاد كثير من الناس وجوب الزيارة فمن هذه الأحاديث:

(أ) «من زار قبري وجبت له شفاعتي» (٢) هذا حديث منكر لا يصح الاحتجاج به.


(١) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٧ / ٣٨٣.
(٢) رواه الدارقطني من طريق موسى بن هلال العبدي عن عبد الله أو عبيد الله العمري، وهذا الحديث ضعيف لضعف موسى بن هلال وجهالته واضطرابه. فمرة يرويه عن عبيد الله ومرة عن عبد الله، وسواء هذا أو ذاك فهو منكر الحديث لا يحتج به.
انظر: سنن الدارقطني، ٢ / ٢٧٨، والصارم المنكي، ص١٨ - ٢٣.

<<  <   >  >>