للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - اعتقاد الزائر أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم خواطره ونياته: قال ابن الحاج (١) (وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم أن الزائر يشعر نفسه بأنه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام كما هو في حياته. إذ لا فرق بين موته وحياته، أعني في مشاهدته لأمته ومعرفته بأحوالهم ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم. وهذا عنده جلي لا خفاء فيه) (٢) . وقال: (وقد لا يحتاج الزائر في طلب حوائجه ومغفرة ذنوبه أن يذكرها بلسانه بل يحضر ذلك في قلبه وهو حاضر بين يديه صلى الله عليه وسلم، لأنه عليه الصلاة والسلام أعلم منه بحوائجه ومصالحه وأرحم به منه لنفسه، وأشفق عليه من أقاربه) (٣) .

وهذا الأمر لا يجوز أن يوصف به الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فكيف يوصف به بعد مماته، لأن علم الغيب ومكنونات الصدور خاص بالله عز وجل لا يطلع عليه أحد غيره ولا يليق وصف أحد به سوى الله عز وجل، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥] (٤) وقال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٨] (٥) .

فمن اعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، وما تكّنه الصدور في حياته أو بعد مماته فقد أشرك. إلا أن يطلع الله نبيه على بعض أمور الغيب فذلك من خصوصيات النبوة. لا أنه يعلم الغيب مطلقا.


(١) هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحاج العبدري المالكي الفاسي (. . . - ٧٣٧هـ) . فقيه مالكي، من تصانيفه:
مدخل الشرع الشريف، شموس الأنوار وكنوز الأسرار.
انظر: الدرر الكامنة لابن حجر، ٤ / ٣٥٥ - ٣٥٦.

(٢) المدخل، ١ / ٢٥٨ - ٢٥٩.
(٣) المصدر نفسه، ١ / ٢٦٤.
(٤) سورة النمل، آية (٦٥) .
(٥) سورة الأعراف، آية (١٨٨) .

<<  <   >  >>