للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما أخرجه مسلم بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: ٣٦] (١) الآية. وقال عيسى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨] (٢) فرفع يديه وقال (اللهم! أمتي أمتي) وبكى. فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم- فسله، فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال. وهو أعلم. فقال الله يا جبريل (اذهب إلى محمد فقل: أنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك» (٣) .

ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم - واللفظ له عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا» (٤) .

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة التي تبين حدب النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته ورحمته بها.

وجدير بمن كان بمثل هذه الشفقة والرحمة أن تتوجه قلوب المسلمين بكليتها إلى محبته وأن تجعل من حبه وسيلة قربى وزلفى إلى الله عز وجل.

رابعا: كمال نصحه لأمته وهدايته لها وإحسانه إليها: إذ دل الأمة على كل خير يقربها إلى ربها، وحذرها من كل شر يجلب لها الذل والخزي في الدنيا والعذاب والنكال في الآخرة. فأصبح العز والتمكين في


(١) سورة إبراهيم، آية (٣٦) .
(٢) سورة المائدة، آية (١١٨) .
(٣) صحيح مسلم. كتاب الإيمان. باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقة عليهم، ١ / ١٩١.
(٤) صحيح مسلم. كتاب الإيمان. باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته ١ / ١٨٩، والبخاري. كتاب الدعوات. باب لكل نبي دعوة مستجابة. ٨ / ٨٢.

<<  <   >  >>