التي تتدخل في تكوين نمط حياته أو تؤثر فيها. وقد قسمت تلك الأسباب عناصر كثيرة، أجملها في الأسباب الرئيسة الآتية: -
١ - الأسباب التربوية والثقافية: التربية والتعليم هما أساس تثبيت التكوين الفطري عند الإنسان «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه» . فأي انحراف أو قصور في التربية يكون الشرارة الأولى التي ينطلق منها انحراف المسار عند الإنسان، والفهم الخاطئ للدين يؤدي إلى خلق صورة من الجهل المركب، ويجعل الفرد عرضة للانحراف الفكري والتطرف في السلوك، وتربة خصبة لزرع بذور الشر وقتل نوازع الخير، بل ومناخا ملائما لبث السموم الفكرية من الجهات المغرضة، لتحقيق أهداف إرهابية.
ويقع عبء هذا الأمر ومسؤوليته على المؤسسات التي تتولى تربية الأفراد وتعليمهم وتثقيفهم في جوانب التكوين التربوي العام، أو التربوي الخاص كالتعليم الديني، سواء أكانت تلك المؤسسات ذات مسؤولية مباشرة- كمؤسسات التعليم العام والجامعي- أم ذات مسؤولية غير مباشرة كوسائل الإعلام بشتى أنواعها، وهذه المؤسسات مجتمعة هي المعنية بتنفيذ سياسات التعليم والتربية في مجتمعاتها، وإذا كان قصور تلك المؤسسات عن القيام بواجبها وأداء مهمتها في المجتمع يؤدي إلى قصور في التكوين التربوي الصحيح، فإن انحرافها يؤدي إلى أسوأ من تلك النتيجة؛ سواء أكان بالفعل أم برد الفعل، فحينما يتدنى مستوى الأداء في تلك المؤسسات، بدلا من ترقيته للذوق العام، وترسيخ القيم والمبادئ النبيلة بين الأفراد، وتنمية الوعي في تعظيم حرمة الدين والأموال والأنفس والأعراض والعقول، وتنمية مداركهم في السماحة والتخاطب والعمل على جمع الكلمة، فإن ذلك يوغر صدور المعتدلين، ويدفعهم إلى تبني مواقف متشددة وآراء متطرفة، فتسهم تلك المؤسسات بطريقة غير مباشرة في إذكاء نار الفتنة، وتهيئة جو التهييج نحو ظهور إرهاب فكري، وسخط وإثارة ضد مؤسسات الدولة وضد المجتمع، وهذا في حد ذاته دعوة إلى التطرف، واحتضان الانحراف الذي يقود إلى الإرهاب.