٢ - الأسباب الاجتماعية: المجتمع هو المحضن الذي ينمو فيه الإنسان، وتنمو فيه مداركه الحسية والمعنوية، ويتنفس هواءه، ويرشف من رحيقه، فهو المناخ الذي تنمو فيه عوامل التوازن المادي والمعنوي لدى الإنسان. وأي خلل في تلك العوامل، فإنه يؤدي إلى خلل في توازن الإنسان في تفكيره ومنهج تعامله، فالإنسان ينظر إلى مجتمعه على أن فيه العدل وفيه كرامته الإنسانية، وحينما لا يجد ذلك كما يتصور فإنه يحاول التعبير عن رفضه لتلك الحالة بالطريقة التي يعتقد أنها تنقل رسالته. فعلى سبيل المثال: حينما لا تتكافأ الفرص بين المواطنين، ولا يكون التفاضل قائما على أسس ومعايير سليمة، أو عندما لا يكون العدل مقياسا للجمع بين المتساويين والتفريق بين المتفرقين، أو حينما يتسلط القوي على الضعيف، وغير ذلك من الأخطاء الاجتماعية، فإن ذلك يشكل إحباطا لفئات من المجتمع، فتحاول التعبير عن رفضها لتلك الممارسات بطريقة خاطئة غير رشيدة؛ لأن رد الفعل العكسي هو الذي يسوق ذلك الإنسان إلى كراهية المجتمع، ومحاولة الانتقام بالطريقة التي يراها مناسبة لرد ما يتصور أنه سلب منه.
فانتشار المشكلات الاجتماعية ومعاناة المواطنين دوافع إلى انحراف سلوكهم، وتطرف آرائهم وغلوهم في أفكارهم، بل ويجعل المجتمع أرضا خصبة لنمو الظواهر الخارجة على نواميس الطبيعة البشرية المتعارف عليها في ذلك المجتمع.
٣ - الأسباب الاقتصادية: الاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان؛ فكلما كان دخل الفرد يفي بمتطلباته ومتطلبات أسرته، كلما كان رضاه واستقراره الاجتماعي ثابتا، وكلما كان دخل الفرد قليلا لا يسد حاجته وحاجات أسرته الضرورية، كلما كان مضطربا غير راض عن مجتمعه، بل قد يتحول عدم الرضا إلى كراهية تقود إلى نقمة على المجتمع، خاصة إن كان يرى التفاوت بينه وبين أعضاء آخرين في المجتمع مع عدم وجود أسباب وجيهة لتلك الفروق، إضافة إلى التدني في مستوى المعيشة والسكن والتعليم والصحة، وغيرها من الخدمات الضرورية التي يرى الفرد أن سبب حدوثها