للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما الخط الثاني فهو ما شرع من العقوبات والأحكام التأديبية، وتهدف إلى ردع الحالات الخارجة عن السلوك السوي واجتثاثها، أي التي لم يجد معها الأسلوب الأول، فشذت عن السلوك الإسلامي القويم ومنهج الوسطية والاعتدال، فمارست الإرهاب، وتعدت على الآمنين.

هنا تبرز أهمية وسائل الإسلام العلاجية الرادعة لكل من تسول له نفسه أن يخرج ويشذ عن تعاليم الإسلام ومبادئه، وأن يمارس الإرهاب من خلال السعي في الأرض فسادا، أومن خلال الإفزاع والترويع والقتل والتدمير. وتتمثل وسائل الإسلام العلاجية في الردع لكل هؤلاء من خلال تشريع الحدود والعقوبات، التي تساعد على اجتثاث الإرهاب من المجتمعات، وتردع كل من تسول له نفسه ارتكاب أي عمل يخل بالأمن، فضلا عن أن هذه العقوبات لها دلالة أخرى في كونها تؤكد رفض الإسلام للإرهاب بكل صوره وأشكاله، واجتثاثه ومعالجة أسبابه، من خلال النهي عن كل عناصره التي يتكون منها ولا يقوم إلا بها؛ من إفزاع وترويع وتدمير وقتل وإكراه وسعي في الأرض فسادا وغيرها، فقد حرم الإسلام كل ذلك، وجرم فاعله، ونهى عنه، وشرع العقوبات الرادعة لكل من يرتكبها، منها العقوبات الأخروية التي تردع من يخاف الله ويخشاه، ومنها العقوبات الدنيوية الجسدية التي تردع من يتجرأ على حدود الله وتزجر آخرين، ومن أبرز تلك العقوبات:

١ - حد الحرابة: الحرابة: مشتقة من الحرب والمحاربة وقد جاء تبيينها في قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣] [المائدة: ٣٣] .

وقد عرفت الحرابة بوصفين عامين؛ هما: محاربة الله ورسوله، والفساد في الأرض، وهذان الوصفان يقتضيان تحديد العمل الإجرامي بالخروج على أحكام الشرع؛ لأن محاربة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الواردة في الآية السابقة ليست على ظاهر النص، إنما يقصد بها العمل على ارتكاب الأعمال المخالفة لأحكام الله والخروج على منهاج رسوله صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>