للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد قسم العلماء أحوال المحاربين أربعة أقسام: أخذ المال والقتل، والقتل فقط، وأخذ المال دون القتل، والإخافة دون قتل أو أخذ مال.

وتجتمع في هذه الصور الأربع مظاهر هي: حمل السلاح، وإخافة الناس، والخروج على طاعة الحاكم ومخالفة أمره. وهذه فيها محاربة لله ورسوله؛ لأن فيها مخالفة لشرعه وتعديا على حدود الله. ولكل واحدة من هذه الحالات العقوبة الشرعية التي تناسبها، وتراوح بين ثلاثة أحكام: القتل مع الصلب، وقطع الأيدي والأرجل من خلاف، والنفي من الأرض.

والحرابة تتفق مع ما اصطلح على تسميته بالإرهاب في العصر الحديث؛ ذلك أن في الإرهاب حملا للسلاح، وإخافة للناس، وخروجا على القانون. وهذا التقارب في الصفة الظاهرة يقتضي التشابه في كيفية العقاب بعد توافر الشروط اللازمة للحكم على مرتكب الجريمة، وتطبيق مثل هذه العقوبة هو الذي سيستأصل هذا المرض ويقطع دابره.

٢ - حد القصاص: للنفس البشرية حرمتها ومكانتها في الإسلام، من أجل هذه المكانة ولكي يستتب الأمن عد الإسلام قتل واحد من الناس كقتل الجميع؛ لما يسببه قتل النفس من بث للخوف والرعب لدى عموم الناس، كما أن إحياءها كذلك إحياء لعموم الناس، لما في عدم التعرض لها من إحياء لها وعمل بالتشريع والأحكام التي تضمن تثبيت الأمن بين الناس، الذي هو وسيلة الحياة لكل الناس.

قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} [المائدة: ٣٢] [المائدة: ٣٢] ، وفي هذا توجيه إلى كل الناس لمحاربة ما فيه ضررهم وإيقاع القتل فيهم. فالواجب عليهم أن يقفوا صفا واحدا في وجه هذا الفعل الشنيع المخالف لما شرعه الله، وأن يطبقوا على فاعله أقسى عقوبة حتى يكون ذلك رادعا لمن تسول له نفسه الإقدام على هذه الجريمة النكراء، وهذا فيه حياة

<<  <   >  >>