كتاب فضائل بيت المقدس - ابن الجوزي - ت عمرو عبد العظيم الحويني

الباب السابع عشر في ذكر فتح عمر بيت المقدس - ص: 101

البابُ السَّابعُ عَشَر

في ذِكرِ فَتح عُمَر بيت المَقدِس (١)

في سنةِ خمسَ عَشرةَ من الهِجرَةِ (٢)، أَمَرَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ عمرَو بنَ العاصِ لمُناجَزَةِ صاحِبِ إِيلِيَاءَ، فنَزَلَ عَمرٌو عَلَى الرُّوم وَهُم في حُصُونِهم، وعليهم الأَرْطَبُونَ (٣)، وكان أَدهَى الرُّومِ وأبَعدَهُم غَوْرًا، وكان قد وَضَعَ بالرَّملَةِ جُندًا عظيمًا، وبِإِيلِيَاءَ جُندًا عظيمًا، وأقام عَمرٌو على أَجنَادِينَ لا يَقدِرُ من الأَرطَبُونَ على شيءٍ. ثمَّ اقتَتَلُوا على أَجنادِينَ، فانهَزَمَ أَرطَبُونُ، فآوَى إلى إِيلِيَاءَ، وكَتَبَ إليه الأَرطَبُونُ (٤): «لا تَتعَب؛ فإنَّما صاحِبُ الفَتحِ رجُلٌ اسمُهُ على ثلاثة أحرُفٍ»، فعَلِمَ أنَّهُ عُمَرُ، فكتَبَ إلى عُمرَ (٥) يُعلِمُهُ بأنَّ الفتحَ يُدَّخَرُ له. فنادَى في النَّاسِ، وخَرَجَ حتَّى نزل الجَابِيَةَ، فقال له يهُودِيٌّ: «والله! لا تَرجِعُ حتَّى تُفتَح إِيلِيَاءُ»، فصالَحُوه على الجِزيَةِ، وفَتَحُوها [له] (٦)، فانتَهَى

---

(١) (*) يُنظر: «المنتظَم» لابن الجَوزِيِّ (٤/ ١٩١ - ط. صادر).
(٢) في «المنتظَم» (٤/ ١٩٣): «وقيل: كان فتحُ فلسطينَ في سنة ستِّ عشرَةَ».
(٣) في «ن»، و «م»: الأرطيون. وهو قائدٌ رُومَانِيٌّ كان على فِلَسطِينَ، ومعناهُ: القائدُ الكبيرُ الذي يلي الإمبرَاطُورَ.
(٤) في «م»: وكتب إلى عمرٍو.
(٥) في «ن»: فكَتَبَ إليه عَمرٌو يُعلِمُه. وفي «م»: فكتب إليه يُخبِرُه.
(٦) زيادةٌ من «ن»، و «م».