للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث تكلم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأطال الكلام وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح، وتم بعد ذلك تدوين المعاهدة بين المسلمين وقريش، يمثل الدولة الإسلامية قائدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمثل قريش سهيل بن عمرو وكانت صيغة المعاهدة المتفق عليها ما يلي:

(هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب بين الناس عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه: وأن بيننا عيبة مكفوله (١) وأنه لا إسلال ولا إغلال (٢) وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وإنك ترجع عامك هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب، والسيوف في القرب لا تدخلها بغيرها (٣) .

يستنتج من هذه المعاهدة وضوح الرؤية السياسية لدى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أتى أمرا قد يرى في ظاهره مخالفة للتوجه الديني، والدليل أن بعض الصحابة قد دهش لملاينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأعدائه وكان الأولى القسوة، ثم إنه لم يستشر أصحابه في شأن المعاهدة، ولكن بعد نظر الرسول صلى الله عليه وسلم وترجيحه للمصلحة الأكبر وامتثاله لأمر ربه، حيث أوحى الله إليه بفعل ذلك، كل


(١) أي أن تكف عنا ونكف عنك فلا تكون بيننا عداوة.
(٢) الإسلال: السرقة الخفية، والإغلال الخيانة.
(٣) ابن كثير، البداية والنهاية، ب ٤، ص ١٩٠ - ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>