للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بعض أصحابه ببعض الأمور التي تتخذ لتكون العلاقة رسمية بين الدولتين مثل ختم الكتاب، وذلك أن الملوك لا يقرؤون كتابا إلا مختوما، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خاتما من فضة، فصه منه، نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب، فخرج ستة نفر من هؤلاء الرسل في يوم واحد، كل رسول يتكلم بلسان القوم الذين بعث إليهم.

ومن أمثلة ذلك ما كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم، وجاء فيه:

(بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد: عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (١) {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤] (٢) (٣) .

[الاتفاقيات مع اليهود والنصارى]

٥ - الاتفاقيات مع اليهود والنصارى: وضع الرسول صلى الله عليه وسلم عدة اتفاقيات مع أهل الكتاب، وتعتبر هذه الاتفاقيات من الوقائع الدستورية في العصر النبوي، وذلك حسب المستقر في نظريات الفقه الدستوري، ومن الأمثلة على تلك الوقائع تلك الاتفاقية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل أيلة (٤)


(١) الأريسيين: أي الفلاحين أو الحراثين، وفي رواية الأكارين وهي بالمعنى نفسه.
(٢) سورة آل عمران الآية ٦٤.
(٣) ابن كثير، البداية والنهاية، جـ٤، ص ٢٩٦، روى الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب دعوة اليهود والنصارى وعلى ما يقاتلون عليه وما كاتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، والدعوة قبل القتال.
(٤) أيلة: مدينة بحرية وميناء مشهور وهي العقبة في الأردن حاليا.

<<  <  ج: ص:  >  >>