للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التجديدات الإدارية]

٤ - التجديدات الإدارية: توسعت الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، نتيجة للفتوحات التي حدثت في سبيل تبليغ الإسلام، وواجه المسلمون حضارات أخرى قائمة ومتكاملة بنظمها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والعقدية وغيرها بما تحتويه هذه النظم من قوانين ومراسم وهيئات وأوضاع معينة.

ولقد واجه المسلمون هذه الحضارات بما يملكونه من مبادئ إسلامية، وعقيدة ربانية، هي أس الحضارة ومعينها الأصيل، فأثروا فيها وأثروها، بما جعل إنجازاتها المادية وسيلة لمرضاة الله وأحدث ذلك تناسقا بين الكون، ومسيرة الحياة الإنسانية بارتباطها بقانون الله خالق الكون وخالق الإنسان.

ودولة الإسلام الأولى ليست دولة بدائية أو بدوية أو صحراوية، بل هي دولة قامت على أساس الحضارة ومنطلقها، وتستند إلى الإسلام بعقيدته وشريعته التي شرعها الله لتكون هادية، ومصلحة للبشر في حياتهم وتعاملهم مع أنفسهم ومع الكون بآياته وخزائنه، والدليل على إقامة هذه الدولة لحضارة الإسلام الصافية أنها حينما واجهت تلك الحضارات القائمة استوعبتها وأخذت منها ما يمكن أن تستفيد منه، دون المساس بجوهر الإسلام، بغض النظر عن مصدرها، بل خدم فيها أصحاب هذه الحضارات - بعد إسلامهم - وأخلصوا لها وأصبحوا من المبرزين في شتى مجالاتها ومن حملة لوائها في تبليغ دعوة الله مثلهم تماما مثل العرب أهل هذه الحضارة الأوائل، فهي دولة عادلة ليس لها هدف سوى تبليغ دعوة الله إلى خلقه، فلو كانت دولة بدائية لانصهرت في هذه الحضارات، كما حدث للرومان عندما تغلبوا على اليونانيين ولم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>