للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: ٣٨] (١) وقد طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم مبدأ الشورى في مواقف كثيرة، وسأتعرض فيما يلي لبعض وقائع الشورى وتطبيقاتها في العهد النبوي:

أ - ما حدث في غزوة بدر حين نزل الرسول صلى الله عليه وسلم بجيش المسلمين عند أول ماء وجده، فقام إليه أحد الصحابة وهو الحباب بن المنذر رضي الله عنه وقال له: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلك الله إياه، فليس لنا أن نجاوزه أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: بل منزل نزلته للحرب والمكيدة، فقال: يا رسول الله، ليس بمنزل، ولكن سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ونسقي الحياض، فيكون لنا ماء وليس لهم ماء، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي وسار بالجيش إلى المكان المشار به (٢) .

ب - مشاورة الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في شأن أسرى بدر، حيث أشار عليه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه باستبقائهم واستتابتهم أو فك أسرهم وافتدائهم بالمال، وأشار عمر رضي الله عنه بضرب أعناقهم، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر، ولكن الله عاتب نبيه على ذلك (٣) .

جـ - وتبرز صورة الشورى في أروع معانيها في مشاورة الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في أمر الخروج لملاقاة الأعداء في غزوة أحد،


(١) سورة الشورى، آية: ٣٨.
(٢) ابن هشام، السيرة النبوية، جـ٢ ص٦٢، روى حديث الحباب هذا ابن هشام عن ابن إسحاق، ورواه الحاكم كذلك (٣ / ١٢٦، ١٢٧) .
(٣) ابن كثير، البداية والنهاية، جـ٣، ص ٣٠٦. روى الحديث ابن عباس وأخرجه مسلم: في الجهاد والسير باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>