سنة ١٧٨٧م، ثم أخذ هذا الأسلوب في الانتشار حيث لقي إقبالا كبيرا في فرنسا، إلا أنه ساعد على إقرار الفكرة التي كانت قائمة وقتها في فرنسا والمتضمنة التفريق بين القوانين الدستورية والعادية، عن طريق وجود سلطتين، إحداهما تأسيسية، والأخرى تشريعية، وبعد انتشار مبدأ الديمقراطية لجأ كثير من الدول لهذا الأسلوب في وضع دساتيرها، وخاصة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كما في دستور ألبانيا لسنة ١٩٤٦م، ويوغسلافيا لسنة ١٩٤٦م، وإيطاليا لسنة ١٩٤٧م (١) .
ومما تقدم يتبين أن أساليب نشأة الدساتير تتنوع تبعا للظروف التي يوجد فيها كل دستور، ولا ينبغي للباحث أن يعالج هذه الأساليب بصورة توحي بأنها قابلة للحصر، وإنما يجدر به أن يردها إلى اتجاهات رئيسة تبرز السلطة التي تولت إنشاء الدساتير على النحو الذي سبق، لأنه يمكن أن تنشأ أساليب أخرى غير هذه الأساليب التي يحددها رجال القانون، وفق ظروف وبيئات معينة تكون لها سمات فكرية وحضارية تختلف كثيرا أو قليلا عن تلك الملامح الفكرية والحضارية والتاريخية لهذه الدول التي نشأت فيها الأساليب التي يحددها فقهاء القانون الدستوري، وبالتالي فإنه لن يكون هناك أي حرج على الباحث، في اعتبار هذه الأساليب من أساليب نشأة الدساتير وبالعكس في حالة الالتزام بطرائق معينة لنشأة الدساتير، فإن الباحث يلزم نفسه بإقحام الأساليب غير المحصورة، بالأساليب المحصورة، بشكل أو بآخر، وينتج عن ذلك خلط في المفاهيم والأساليب، وعدم اعتبار للظروف التي صاحبت وجود أسلوب أو أساليب معينة، علما بأن هذه الظروف والمتغيرات هي الأساس الذي ينبغي أن يركز عليه الباحث، باعتبارها متغيرات رئيسة لإقرار الفكرة التي يهدف إليها في بحثه.