وسواء دونت هذه الأحكام أم لا فإن لها السمو على جميع القوانين والأحكام دستوريها وغير دستوريها؛ لأنها وحي من الله لا يسمو فوق حكمه حكم.
فالبحث في تدوين الدستور إنما هو لدولة إسلامية معينة بما يحتويه من أحكام غير ثابتة؛ لأنها تختلف من دولة لأخرى، ولأنها هي التي يجب أن يحتويها الدستور، أما الأحكام الثابتة فإن تدوينها في دستور دولة معينة أمر لا لزوم له كما سبقت الإشارة إليه؛ لأن هذه الأحكام ثابتة في آيات القرآن وتفسيرها والأحاديث وشروحها، ومباحث الفقه وأصوله؛ ولأن هذه الدولة الإسلامية يجب أن تلتزم في دستورها بأحكام الشرع وأن لا تخالفها، وبالتالي فلها أن تعد دستورها وفق ظروفها، موافقة في ذلك شرع الله، ويحتوي هذا الدستور الأحكام الخاصة بدستور هذه الدولة.
وفي هذا المجال نجد بعض الباحثين (١) في شأن الدستور الإسلامي يرى أن هناك تدوينا للدستور في بعض العصور، ويمثل بالوثيقة التي كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة، ويعتبرها دستورا للدولة في ذلك العصر، موافقا لظروف ومتطلبات الوقت الذي وضع فيه، والحقيقة أن هذه الوثيقة تحوي أحكاما دستورية تعالج بعض القضايا الدستورية في ذلك الوقت الذي وضعت فيه، ويمكن الاستئناس بها عند تدوين أي دستور لدولة إسلامية، ولكنها ليست دستورا كاملا بمعنى الدستور الفني أو الخاص بل هي وثيقة دستورية لها أهميتها في تاريخ الدولة الدستورية. ولم يثبت بعد هذه الوثيقة تدوين يشبهها لأحكام
(١) أمثال: الدكتور: محمد سليم العوا، الدكتور محمد حميد الله، والدكتور منير البياتي، والدكتور عون الشريف قاسم، والدكتور أحمد حمد وآخرون.