للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا التخصيص، فما هي إلا جزء من الأحكام العملية التي اتفق الفقهاء على العمل بما فيها، وهي ما تقابل مباحث الإمامة، وأنها عند علماء أهل السنة من أحكام الفروع، ولا يرتفع بها إلى مرتبة الأصول سوى غلاة الشيعة (١) وبالتالي فلا مجال لعدم الأخذ بسنة الآحاد في المسائل الدستورية وأحكامها التي لا شك في أهميتها، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أعمل خبر الآحاد فيما لا يقل خطورة عن تلك الأحكام وذلك مثل إرسال مبعوثين ورسلا إلى الدول المجاورة، وهم آحاد مما قد يترتب عليه سلم أو حرب، بل إن الله تعالى أرسل رسله إلى الناس آحادا (٢) .

أما فيما يتعلق بالاعتبار الثاني وهو عدم يقينيتها، فإن هذا الشرط لم يشترطه أحد من الفقهاء في أحكام الفروع، ثم إن عدم شهرة سنن الآحاد لا يعتبر دليلا على عدم صحتها، فلا علاقة بين الصحة والشهرة (٣) .

وتقسيم العلماء للسنة إلى متواترة تفيد اليقين، وآحاد تفيد الظن الراجح اعتبار أصولي لا صلة له باعتبارها أساسا لابتناء الأحكام الشرعية (٤) .

أما فيما يتعلق بالاعتبار الثالث، وهو أنه لا يمكن اعتبار سنن الأحكام الدستورية تشريعا عاما أو قاعدة عامة، فإنه كلام غير مسلم به على إطلاقه، فسنن الأحكام الدستورية تحتوي على تشريعات كلية وعامة وأخرى تفصيلية ووقتية، فالسنة النبوية تضمنت مبادئ دستورية شرعها الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بماله من صفة النبوة والتبليغ، وهذا مما يعتبر تشريعا كليا.


(١) د. علي جريشة، ص ١٢٧ - ١٢٨، المشروعية الإسلامية العليا.
(٢) د. منير حميد البياتي، الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، ص ٨٩.
(٣) د. علي جريشة، المشروعية الإسلامية العليا، د. محمد فاروق النبهان، نظام الحكم في الإسلام، ص ٣٢٢.
(٤) د. منير حميد البياتي، الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، ص ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>