للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم إلى اليمن، وأمره بالرجوع إلى الكتاب، ثم السنة، ثم الاجتهاد (١) .

والفرق بين الإجماع والاجتهاد هو أن الاجتهاد رأي غير مجمع عليه، فإذا أجمع عليه كان الإجماع، ولذا تقدم الإجماع على الاجتهاد فصار أقوى منه والمجتهد لا يعتمد في اجتهاده على رأيه المجرد، بل عندما لا يجد النص من الكتاب أو السنة أو الإجماع فإنه يغوص في الكتاب والسنة ويتلمس الأشباه والنظائر ثم يقيس الأمور وينظر فيها (٢) .

وفي مجال التشريع الدستوري فإن الاجتهاد يعتبر مصدرا من مصادر الدستور في النظام الإسلامي، بل هو أوسع المصادر مجالا بالنسبة للأحكام الدستورية. والاجتهاد في المسائل الدستورية يصدر عن طريق أولي الأمر (٣) . وإذا صدر الاجتهاد بشأن مسألة دستورية من أولي الأمر وفقا لقواعد الاجتهاد الصحيحة يكون الحكم واجب الطاعة والتنفيذ، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] (٤) إذ هو اجتهاد صحيح مقترن بالأمر فتجب طاعته.


(١) حديث معاذ رضي الله عنه رواه أبو داود رقم ٣٥٩٢ - ٣٥٩٣، في الأقضية باب اجتهاد الرأي في القضاء، والترمذي رقم١٣٢٧ - ١٣٢٨، في الأحكام باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، وقال أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: الناس في هذا الحديث على رأيين فمنهم من قال: إنه لا يصح، ومنهم من قال هو صحيح، والدين القول بصحته، وقد صححه كذلك ابن القيم في أعلام الموقعين. (جامع الأصول في أحاديث الرسول، لابن الأثير الجزري، حديث رقم ٧٦٧٣، ص ١٧٨، جـ ١٠، مكتبة الحلواني، ١٣٩٢هـ) .
(٢) د. محمد معروف الدواليبي، المدخل إلى علم أصول الفقه، ص ٥٥.
(٣) أولي الأمر كما يقول العلماء، هم الحكام والعلماء، ويلاحظ منهج القرآن أنه لم يذكر أولي الأمر بلفظ المفرد، بل بصيغة الجمع دائما، حيث أن إطلاقها مفردة تنصرف فقط إلى الحاكم، عبد الحميد متولي، مبادئ نظام الحكم الإسلامي، ص٥٠.
(٤) سورة النساء آية رقم ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>