للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ووعيده ومواعظه ثم قال: فإن قلت ما فائدة التثنية والتكرير؟ قلت: النفوس أنفر شيء عن حديث الوعظ والنصيحة , فما لم يكرر عليها عودا على بدء لم يرسخ فيها ولم يعمل عمله، ومن ثم كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح ثلاث مرات وسبعا يركزه في قلوبهم ويغرسه في صدورهم، (١) ولعل هذا هو سبب كثرة الروايات للخطبة الواحدة في خطب الدراسة.

وقد ثبت في دراسات علم النفس الحديث أهمية التكرار في إقناع الناس بالآراء والأفكار المختلفة، كما أن تكرار المعلومات والحقائق يعمل على تثبيتها في العقول بدرجات متفاوتة تختلف حسب الفروق الفردية، وتكرار هذه المعلومات يعمل على تركيزها في الأذهان، وقد استخدم هذا الأسلوب في الإعلان لترويج السلع، وفي الدعاية السياسية لترويج الشعارات الخاصة بالمذاهب والأحزاب، وتنفق الأموال الطائلة في هذه الدعاية التي تعتمد أسلوب الاتجاه المرغوب فيه (٢) .

ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن أسلوب التكرار في الإعلام الإسلامي وإن تساوى مع أسلوب التكرار والملاحقة الذي ترى الدراسات الإعلامية أنه من أنجح أساليب تغيير الرأي العام إلا أنه يختلف عنه من حيث سمو الهدف ونبل الغاية، فأسلوب التكرار في الإعلان والدعاية السياسية إنما يكون لترويج مصالح ذاتية أما في الإعلام الإسلامي فهدفه الإعلام بالحق وحمل الناس عليه ليس فقط للإقناع به وإنما لتحويله إلى سلوك وتطبيقات حية في حياتهم.


(١) انظر الزمخشري، الكشاف، جـ ٣، ص: ٣٩٥.
(٢) انظر مزيدا من التفاصيل في هذا الجانب عند كل من:
- د. محمد عبد القادر حاتم، الإعلام في القرآن الكريم، مرجع سابق، ص:.
- د. عثمان العربي، الدعاية النظرية والتوجيهات الحديثة، ط / ٣، (الرياض: دار طيبة، ١٤١٤هـ) ، ص: ٩٨.
- د. عاطف العدلي، الاتصال والرأي العام، (القاهرة: دار الفكر العربي، ١٤١٤هـ) ، ص: ١١٧.

<<  <   >  >>