للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لذلك كان الخطاب الإعلامي في الخطب النبوية يخاطب عقل الإنسان بما له من قوة الإدراك والتمييز بين الخير والشر، والحق والباطل، والمصلحة والمفسدة، ويخاطب الوجدان باعتباره وعاء الإحساس والمشاعر ويخاطب إرادة الإنسان الحرة باعتبار ما تتخذه من قرارات هو النتيجة النهائية للاستجابة التي يبني عليها قبول الخطاب أو رفضه.

كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص أشد الحرص على أن يكون الخطاب مناسبا للناس على تفاوت عقولهم وأفهامهم وجوارحهم وقلوبهم.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستلهم هذا الأسلوب البليغ الفعال في عملية الإقناع من هدي القرآن الكريم، إذا أسلوب التعامل مع النفس الإنسانية بكل جوانبها من أساليب القرآن الكريم.

هذه نماذج من أساليب القائم بالاتصال في الإعلام الإسلامي المرتبطة بسداد المنهج، غير أن ما ينبغي إدراكه بوضوح هو أن الأسلوب يحدد بناء على ما يقتضيه الظرف الاتصالي وطبيعة الجمهور المستهدف وخصائصه.

ثالثا: المسؤولية الأخلاقية: إن الأخلاق الفاضلة هي التي تحدد للإنسان سلوكه المستقيم، وترسم له طريقه إلى غايته، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة الحسنة والنموذج الأول للقائم بالاتصال في الإعلام الإسلامي امتدحه ربه جل وعلا بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] (١) وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق - وفي رواية البزار - مكارم الأخلاق» (٢) .

وفي خطبة الصفا شهد المجتمع القرشي في مكة بصدق الرسول وأمانته مع شدة مخالفتهم له وحرصهم


(١) سورة القلم، آية: ٤.
(٢) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، جـ ٩ (بيروت: مؤسسة المعارف، ١٤٠٦هـ) ، ص: ١٨.

<<  <   >  >>