على معارضته فهو عندهم الصادق الأمين لذا قالوا:(ما جربنا عليك إلا صدقا) ، وفي الرواية الثانية:(ما جربنا عليك كذبا) .
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم على الخلق الذي أراد له ربه أن يكون عليه، فكانت أخلاقه هي أخلاق الإسلام يمثلها، فكان كما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:«فإن خلق النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن»(١) وصبغ بهذا الخلق الرفيع صحبه الكرام فكانوا أحسن الناس أخلاقا في اتصالهم بالناس , كما تعلموا من الرسول صلى الله عليه وسلم في مواقفه الاتصالية وغيرها.
فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم صادقا، عدلا في قوله للقريب والبعيد، للصديق والعدو، رفيقا رحيما حتى مع الكفار الذين كتبت عليهم الشقاوة، يدعوهم بأحب الأسماء إليهم في خطبة الصفا، ويحترمهم مع أنهم أحقر شأنا لأنه بعث رحمة للعالمين، وهو في هذا ينطلق من هدي القرآن الكريم، ويطبق أخلاقه، فهو المصدر الفذ المعصوم الذي يعرف منه حسن الخلق من قبيحه، والذي يربط الإنسان بمثل أعلى يرنو إليه ويعمل له، وهو الذي يحد من أنانية الفرد ويكف من طغيان غرائزه وسيطرة عاداته، ويربي فيه الضمير الحي الذي على أساسه يرتفع صرح الأخلاق التي تقيم العدل فيما يصدر عن القائم بالاتصال من أحكام، أو تحفظ أمانة الكلمة وتصونها وترعى أخلاقيات العمل الإعلامي، لا الفلسفة المادية للأخلاق في الحضارة الغربية التي لا يمكن أن توجه الرأي العام، فأي فلسفة أخلاقية تلك التي ينبغي أن يتبعها القائم بالاتصال ولكل فيلسوف مذهب وكل مذهب له مقاييسه ومعاييره , أيأخذ بفلسفة المنفعة التي نادى بها وليم جمس وغيره، أم فلسفة اللذة التي نادى بها (أريستيت) و (أبيقور) ، أم فلسفة القوة التي نادى بها
(١) أخرجه الإمام مسلم، صحيح مسلم، مرجع سابق، جـ١، ص: ٣ظ، طرف من حديث طويل.