للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة التي ساق فيها كثيرا من الحقائق , أعلم بها جيشه في الوقت المناسب، حتى يحقق للمعلومات أكبر قدر من الإقناع والفاعلية في حياة الجند الإسلامي والمجتمع الإسلامي.

٢ - أسلوب تقوية الجبهة الداخلية والإعداد المعنوي المناسب: لقد كشفت غزوة تبوك ظاهرة النفاق التي برزت في عدة جوانب منها:

- التخلف عن الجهاد في غزوة تبوك والاعتذار بالأعذار الواهية التي فندها القرآن الكريم.

- تثبيط الرأي العام ودعوة الناس إلى القعود عن الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة: ٨١] (١) واتهام المنافقين بالرياء، بل ذهبت حركة النفاق إلى أبعد من ذلك كله من الاستهزاء بالله ورسوله والمجاهدين في سبيله الذين قال الله فيهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ - لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٥ - ٦٦] (٢) بل حاول المنافقون اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة (٣) .

كما كشفت هذه الغزوة تفاوت المستويات الإيمانية بين الجند في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه المستويات هي غير حال المنافقين , الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ولكنها قد تتشابه المظاهر أحيانا بين المؤمنين الضعفاء وبين المنافقين، ولذلك جاء معظم هذه الخطبة البليغة منصبا أصلا على تربية جماعة المسلمين، وتقوية الجبهة الداخلية، والإعداد المعنوي للصف


(١) سورة التوبة، آية: ٤٩.
(٢) سورة التوبة، الآيتان: ٦٥، ٦٦.
(٣) انظر تفصيل ذلك عند محمد يوسف الصالحي: سبيل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، مرجع سابق، جـ ٥، ص: ٤٦٦.

<<  <   >  >>