للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وغني عن البيان تأثر الاتصال بأشكاله المختلفة بمفهوم العلم والإعلام، وهو شكل من أشكال الاتصال وثيق الصلة بالعلم (فأعلمته وعلمته في الأصل واحد إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع، والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم (١) .

والخطاب الإعلامي يخاطب العقول، وقد تبين من تعريف العلم في الاصطلاح الشرعي علاقته بالعقل، ولذلك فإنه يحتاج إلى العلم، لتنوير العقول.

وخلاصة القول إن العملية الاتصالية بكل مقوماتها تتأثر بمقوم العلم، فالعلم من أهم سمات القائم بالاتصال، وقد شهد الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو النموذج الأول للقائم بالاتصال في الإعلام الإسلامي بالعلم، قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤] (٢) وقال الله تعالى لكل قائل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦] (٣) . قال القرطبي: (ولا تقف) [أي لا تتبع ما لا تعلم ولا يعنيك] ، قال قتادة: لا تقل رأيت وأنت لم تر، وسمعت وأنت لم تسمع , وعلمت وأنت لم تعلم، قال مجاهد: لا تذم أحدا بما ليس لك به علم , وقال ابن عباس رضي الله عنهما قال محمد ابن الحنفية: هي شهادة الزور، وقال القتي: المعنى لا تتبع الحدس والظنون , وكلها متقاربة وأصل القفو البهت بالباطل) (٤) .


(١) الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، (بيروت: دار الكتاب اللبناني، ١٤٠٤هـ) ص: ٦٠٣، مادة: علم.
(٢) سورة النجم، آية: ٣.
(٣) سورة الإسراء، آية: ٣٦.
(٤) الإمام القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جـ ١٠، (بيروت: دار الكتاب العربي، د. ت) ، ص: ٢٥٧.

<<  <   >  >>