الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإنَّ من خيرِ ما صنّفَ فيه المصنفون: أحاديثَ الأحكام، إذ هي أدلة الفقه وعليها يَسْتند، وبها تُعرف الأحكام ومنها تُسْتَمدّ، وبها يُعبد الرب على بصيرة.
لذلك فقد أولاها العلماء اهتمامًا بالغًا، وصنفوا فيها التصانيف المختلفة: فمنهم من أسهب، ومنهم من اختصر، ومنهم من توسط.
فمن الذين أسهبوا -بل أولهم-: الإمام الحافظ عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي الإشبيلي، أبو محمد، المعروف بابن الخَرَّاط -ت ٥٨١ هـ- حيث ألف فيه "الأحكام الكبرى"، جاء في مقدمة "تحفة الأحوذي" ١: ٢٧١: "وهو كتاب كبير في نحو ثلاث مجلدات، انتقاه من كتب الحديث" انتهى.
ومنهم الإمام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحرَّانى المعروف بابن تيمية -ت ٦٥٢ هـ- جدُّ شيخ الإسلام، ألف كتابه "الأحكام الكبرى" ثم انتقى منه خَمسة آلاف حديث وتسعة وعشرين حديثًا، وسماه "المنتقى".
ومن الذين توسطوا: الإمام تقي الدين محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المعروف بابن دقيق العيد -ت ٧٠٢ هـ- صنَّف كتابه "الإلمام بأحاديث الأحكام" تضمن ١٤٧٣ حديثًا.