ولا فرقَ بينَ ان يكون المضارعُ المستقبلُ مسبوقاً بأداةٍ تَمحَضُه الاستقبالِ كالسين وسوفَ وأدواتِ الشرطِ الجازمة وغيرها، او غيرَ مسبوقٍ بها، وانما القرينةُ تدلُّ على استقباله، نحو "إنه يجيءُ غداً". وأما قوله تعالى {إنَّ ربكَ لَيحكُمُ بينَهم يوم القيامة} ، فانما جازَ دخولُ اللام لأنَّ المستقبل هنا مُنزَّلٌ مَنزلةَ الحاضرِ لتحقُّق وقوعهِ، لأنَّ الحكمَ بينهم واقعٌ لا محالةَ. فكأنهُ حاضر، وكذا قولهُ تعالى {ولَسوفَ يُعطيكَ ربُّكَ فترضى} ، فانَّ الإعطاءَ مُحقَّقٌ، فكأنه واقعٌ حالاً. وأما قوله عز وجلَّ على لسان يعقوبَ {انهُ ليحزُنُني ان تذهبوا به} ، فانّ الذهابَ، وان كان مُستقبلاً فان أثرَهُ، وهو الحزنُ، حاضرٌ، فانهُ حَزِنَ لمُجرَّدِ علمهِ انهم ذاهبُون به، فلم يخرُج المضارعُ هنا، وهو (يُحزُنني) ، عن كونهِ للحال.
ويرى بعض العلماء (وهمُ الكوفيُّون) انها لا تمحَضُ المضارع الحالَ، بل يجوز ان تدخل عَليه مُستقبل، بالأداة او بِدونها، وجعلوا الاستقبالَ في الآياتِ على حقيقته.
(٨)"ما" الكافَّةُ بعدَ هذهِ الأحرُف
اذا لحقت (ما) الزائدةُ الاحرفَ المُشبّهةَ بالفعل، كفتّها عن العمل، فيرجعُ ما بعدها مبتدأً وخبراً. وتُسمّى (ما) هذه (ما الكافةَ) لأنها تَكُفُّ ما تلحقُهُ عن العمل، كقوله تعالى {إنما إِلهكُم إِلهٌ واحدٌ"} ، ونحو {كأنما العلمُ نورٌ} و (لَعلَّما اللهُ يرحمُنا) .
غير أنَّ (ليتَ) يجوزُ فيها الإِعمالُ والإِهمالُ، بعدَ أن تَلحقَها (ما) هذه، تقولُ (ليتما الشبابَ يعودُ) و (ليتما الشبابُ يعودُ) . واعمالُها حينئذ أحسنُ من اهمالها. وقد رُوِيَ بالوجهينِ، نصبِ ما بعدَ (ليتما) ورفعه، قولُ الشاعرِ [النابغة - من البسيط]