من المصادرِ المؤَكّدةِ (كما زعم جمهورٌ من النُّحاةِ) ، وإنما هو ضرب آخرُ من المصادرِ، كما علمتَ. ولو كان مؤَكداً لم يَجُز حذفُ عامله، لأنه إنما أُتيَ به ليؤكّدَ عاملُه ويُقوِّيهِ. فحذفُ العاملِ بعدَ ذلك يُنافي ما جِيءَ بالمصدرِ لأجله. ولو كان مؤكداً لجاز ذكر العامِلِ معَهُ. ولم يَقُلْ بذلك أحدٌ منهم، مع إجماعِهم على أنه يجوزُ ذكرُ العاملِ ومصدرِهِ المؤَكدِ له معاً. نحو {يا أيُّها آمنوا صلُّوا عليه وسلموا تسليماً} .
(المفعولُ لهُ)
المفعولُ لهُ (ويُسمّى المفعولَ لأجلهِ، والمفعولَ من أجلهِ) هو مصدرٌ قَلبيٌّ يُذكرُ عِلّةً لحدَثٍ شاركهُ في الزمانِ والفاعلِ، نحو "رغبةً" من قولكَ "اغتربتُ رَغبةً في العلم".
(فالرغبة مصدر قلبي، بين العلة التي من أجلها اغتربت، فان سبب الإغتراب هو الرغبة في العلم, وقد شارك الحدثُ (وهو اغتربت) المصدرَ (وهو رغبة) في الزمان والفاعل. فان زمانهما واحد وهو الماضي. وفاعلهما واحد وهو المتكلم.
والمراد بالصدر القلبي ما كان مصدراً لفعل من الأفعال التي منشؤُها الحواسّ الباطنة كالتعظيم والإجلال والتحقير والخشية والخوف والجرأة والرغبة والرهبة والحياء والوقاحة والشفقة والعلم والجهل. ونحوهما. ويقابل أفعال الجوارح (أي الحواسّ الظاهرة وما يتصل بها) كالقراءة والكتابة والقعود والقيام والوقوف والجلوس والمشي والنوم واليقظة، ونحوها) .