وقد يُرفعُما بعدَ العاطف قبل استكمالِ الخبر، لغرضٍ معنوي، على أنه مبتدأٌ محذوفُ الخبر "فتكونُ جُملتُهُ مُعترِضةً بينَ اسمِ (إنّ) وخبرِها، كقول الشاعر [من الطويل]
(غريب خبر عن اسم، "إن"، وقيار مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير وقيار غريب بها ايضاً. وقيار اسم فرسه او جمله. وانما قدمه واعترض بجملته بين اسم إن وخبرها لغرض ان هذا الفرس او الجمل استوحش في هذا البلد، وهو حيوان، فما بالك بي، فلو نصب بالعطف على اسم "ان" فقال "فاني وقياراً بها لغريبان"، لم يكن من ورائه شدة تصوير الاستيحاش الذي يعطيه الرفع في هذا المقام) .
ومنهُ قولهُ تعالى { (إنَّ) الذينَ آمنوا والذينَ هادُوا، والصابئون، والنصارى، مَن آمنَ منهم باللهِ واليومِ الآخرِ وعملَ صالحاً، فلا خَوفٌ عليهم ولا هم يَحزنون} [المائدة: ٦٩] .
فالصابئون مبتدأ محذوف الخبر. والتقدير والصابئون كذلك، اي لهم حكم الذين آمنوا والنصارى واليهود. والجملة معترضة بين اسم "ان" وخبرها، وخبر الخبر هو جملة الجواب والشرط، والغرض من رفع "الصابئون" وجعله مبتدأ محذوف الخبر أنه لما كان الصابئون، مع ظهور ضلالهم وميلهم عن الأديان كلها، يتاب عليهم إن صح منهم الايمان، واعتصموا بالعمل الصالح، فغيرهم ممن هو على دين سماوي وكتاب منزل، أولى بذلك) .